للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالخَصْلَةُ الثَّانِيَّةُ: أَنْ يَظْهَرَ الْمُشْرِكُ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَيَعْزِمَ عَلَى قَتْلِهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُسْتَنْقَذَ مِنْهُ الْمُسْلِمُ، فَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى اسْتِنْقَادِهِ مِنْهُ إِلَّا بِقَتْلِهِ، جَازَ لَنَا أَنْ نَقْتُلَهُ لاسْتِنْقَاذِ الْمُسْلِمِ مِنْهُ.

وَالخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَسْتَنْجِدَ الْمُشْرِكُ أَصْحَابَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي مَعُونَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَيَبْطُلَ أَمَانُهُ، لِأَنَّهُ كَانَ مَشْرُوطًا بِالْمُبَارَزَةِ، وَقَدْ زَالَ حُكْمُهَا بِالاِسْتِنْجَادِ.

قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِي (١): أَوَّلُ حَرْبٍ شَهِدَهَا رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ بَدْرٍ، دَعَا إلَى الْمُبَارَزَةِ فِيهَا: عُتْبةُ، وَشَيْبَةٌ، وَالوَلِيدُ بنُ عُتْبَةَ، فَبَرَزَ إِلَيْهِمْ حَمْزَةٌ، وَعَلِيٌّ، وَعُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ ، فَقَتَلَ حَمْزَةُ عُتْبَةَ، وَقَتَلَ عَلِيٌّ الوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، وَاخْتَلَفَ عُبَيْدَةُ وَشَيْبَةُ مَرَّتَيْنِ، فَمَاتَ شَيْبَةُ، وَقُطِعَتْ رِجْلُ عُبَيْدَةَ، وَاحْتَمَلَ حَيًّا، فَمَاتَ بِالصَّفْرَاءِ (٢)، فَقَالَ فِيهِ كَعْبُ بنُ مَالِكِ: [الْمُتَقَارِبُ]

[أَيَا عَيْنُ جُودِي] (٣) وَلَا تَبْخَلِي … بِدَمْعِكِ حَقًّا وَلَا تَنْزَرِي

عَلَى سَيِّدِ هَدَّنَا مُلْكُهُ … كَرِيمِ الْمَشَاهِدِ وَالعُنْصُرِ

عُبَيْدَةُ أَمْسَى وَلَا نَرْتَجِيهِ … لِعُرْفٍ عَرَانَا وَلَا مُنْكَرِ

ثُمَّ شَهِدَ رَسُولُ اللهِ أَحدًا، فَدَعَاهُ أُبَيُّ مِنْ خَلَفٍ إِلَى الْمُبَارَزَةِ، وَهُوَ عَلَى


(١) ينظر: بحر المذهب للروياني (١٣/ ٣٠٤).
(٢) وادِي الصَّفراء من ناحية المدينة: وهو وَادٍ كثيرُ النَّخْل والزرع على طريق الحجِّ، تُعرفُ اليومَ بِاسم الواسِطة، وينظر: معجم البلدان لياقوت (٣/ ٤١٢)، ومعجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية للبلادي (ص: ١٧٧).
(٣) بياض في المخطوط، والاستدراك من بحر المذهب للروياني (١٣/ ٣٠٤)، وسيرة ابن هشام (٣/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>