للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَقْتُلَهُمَا حَتَّى اسْتَجَارَا بِأُمِّ هَانِئٍ، فَأَمَّنَهُمَا رَسُولُ اللهِ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ: (إِنَّ الله حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ) (١)، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الفِيلَ لَمْ يَظْفَرْ بهَا وَلَا دَخَلَهَا، وَأَظْفَرَ اللهُ رَسُولَهُ بِهَا حَتَّى دَخَلَهَا.

قَالَ الشَّافِعِيُّ (٢): إِنَّمَا قَاتَلَهُ بَنُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِمَكَّةَ دَارٌ، وَقَاتَلَ عِكْرِمَةَ بنَ أَبِي جَهْلٍ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ وَسُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، وَهُمْ مِنْ أَكَابِرِ قُرَيْشٍ وَأَعْيَانِ مَكَّةَ، وَهِيَ دَارُهُمْ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ رَسُولُ اللهِ بِمَكَّةَ اسْتَأْنَفَ أَمَانَ مَنْ قَاتَلَ.

رُوِيَ أَنَّهُ اسْتَجَدَّ لِعِكْرِمَةَ بن أَبِي جَهْلٍ وَصَفْوَانَ بن أُمَيَّةَ أَمَانًا، وَأَمَّنَ مَنْ أَجَارَتْهُ أُمُّ هَانِئٍ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ الله أَنَّهُ قَالَ لَمَّا قَاتَلَ خَالِدٌ وَقَتَلَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ) (٣)، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ خَالِدًا قَاتَلَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟

قِيلَ: إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِخَالِدٍ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْفَتْحِ، وَكَانَ بَعَثَ سَرِيَّةً إِلَى بَنِي خُزَيْمَةَ مِنْ كِنَانَةَ، وَكَانُوا أَسْفَلَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى لَيْلَةٍ مِنْهَا بِنَاحِيَّةِ يَلَمْلَمَ لِيَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، فَأَتَاهُمْ وَقَدْ أَسْلَمُوا، فَقَتَلَ مَنْ ظَفَرَ بِهِ مِنْهُمْ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ)، وَأَنْفَذَ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ


(١) أخرجه البخاري (رقم: ٢٤٣٤) ومسلم (رقم: ١٣٥٥) من حديث أبي هريرة .
(٢) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (١٤/ ٢٣٣).
(٣) أخرجه البخاري (رقم: ٤٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>