للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا رَأَى النِّسَاءَ اللَّاتِي خَرَجْنَ مِنْ مَكَّةَ، يَمْسَحْنَ وُجُوهَ الخَيْلِ بِخُمُرِهِنَّ قَالَ: اللَّهِ دَرُّ حَسَّانَ، فَقَالَ لَهُ [العَبَّاسُ] (١): كَأَنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ تُرِيدُ قَوْلَهُ (٢): [مِنَ الوَافِر]

عَدِمْنَا خَيْلَنَا إِذْ لَمْ تَرَوْهَا … تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كِدَاءُ

تُنازِعُنَا الأَعِنَّةُ مُسْرِعَاتٌ … تُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِّسَاءُ

فَإِنْ أَعْرَضْتُمُ عَنَّا اعْتَمَرْنَا … وَكَانَ الصُّلْحُ وَانْكَشَفَ الغِطَاءُ

وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِجِلَادِ يَوْمٍ … يُعِزُّ اللَّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ

فَقَالَ: نَعَمْ.

وَأَمَّا الجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ لِقُرَيْشٍ: (أَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ) (٣)، لِأَنَّهُ آمَنَهُمْ بَعْدَ الخَوْفِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ إِسَاءَتِهِمْ، وَصَفَحَ عَنْهُمْ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمْ، فَصَارُوا بِتَرْكِ الْمُؤَاخَذَةِ طُلَقَاءَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: (قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ) (٤)، فَلِأَنَّ الرَّجُلَيْنِ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمَا شَرْطُ الأَمَانِ، لِأَنَّهُمَا كَانَا شَاكِينِ فِي سِلَاحِهِمَا، وَقَدْ عَلَّقَ شَرْطَ الْأَمَانِ بِإِلْقَاءِ السِّلَاحِ، وَإِغْلَاقِ الأَبْوَابِ فَبَقِيَا عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ، وَلِذَلِكَ اسْتَجَازَ


= هَذِهِ الرُّؤْيا بِمَا ذُكِرَ.
(١) في المخطوط كلمة مطموسة، والمثبت من الحاوي للماوردي (١٤/ ٢٢٩).
(٢) تنظر الأبيات في ديوان حسان بن ثابت (١/ ١٧).
(٣) ينظر: المغازي للواقدي (٢/ ٨٣٥)، سيرة ابن هشام (٥/ ١٨٩)، ودلائل النبوة للبيهقي (٥/ ٥٧ - ٥٨)، والسنن الكبرى له (٩/ ١١٨)، والاكتفاء للكلاعي (٢/ ١٨٩).
(٤) أخرجه البخاري (رقم: ٣٥٧)، ومسلم (رقم: ٣٣٦) عن أم هانئ .

<<  <  ج: ص:  >  >>