للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ كُدَى العُلْيَا، وَهِيَ أَعْلَى مَكَّةَ، وَفِيهَا دَارُ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَمَرَ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، وَفِيهَا دَارُ حَكِيمِ بن حِزَامٍ، وَأَوْصَاهُمَا أَنْ لَا يُقَاتِلَا إِلَّا مَنْ قَاتَلَهُمَا، فَدَخَلَ الزُّبَيْرُ حَتَّى غَرَسَ الرَّايَةَ بِالحُجُونِ، وَلَمْ يُقَاتِلْهُ أَحَدٌ فَلَمْ يُقَاتِلْ أَحَدًا.

وَأَمَّا خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ فَإِنَّهُ لَقِيَهُ جَمْعٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَحُلَفَائِهِمْ بَنِي بَكْرٍ، فِيهِمْ: عِكْرِمَةُ بنُ أَبِي جَهْلٍ، وَصَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، وَقَاتَلُوهُ فَقَاتَلَهُمْ، حَتَّى قَتَلَ مِنْ قُرَيْشٍ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا، وَمِنْ هُذَيْلٍ أَرْبَعَةً، وَوَلَّوا مُنْهَزِمِينَ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ البَارِقَةَ عَلَى رُؤُوسِ الجِبَالِ، قَالَ: مَا هَذَا؟ وَقَدْ نَهَيْتُ عَنِ القِتَالِ؟ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ خَالِدًا قُوتِلَ فَقَاتَلَ، فَقَالَ: قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ، وَأَنْفَذَ إِلَيْهِ أَنْ [يَرْفَعَ] (١) السَّيْفَ.

وَلَوْ كَانَ عَنْوَةً لَمْ يُنْكِرِ القِتَالَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ.

وَقَالَ أَصْحَابُ السِّيَرِ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ مَكَّةَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَأُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ، وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ القَصْوَاءِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَلَوْ دَخَلَهَا مُحَارِبًا لَرَكِبَ فَرَسًا، وَلِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنَّ كَلْبَةً أَقْبَلَتْ مِنْ مَكَّةَ، فَاسْتَلْقَتْ عَلَى ظَهْرِهَا، وَانْفَتَحَ فَرْجُهَا، وَدُرَّ لَبَنُهَا، فَقَصَّهَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي عنه: ذَهَبَ كَلْبُهُمْ، وَأَقْبَلَ خَيْرُهُمْ، وَسَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْكَ بِالرَّحِمِ) (٢).


(١) في المخطوط: (يرفه)، والمثبت من الحاوي للماوردي (١٤/ ٢٢٨) وهو الصَّوابُ.
(٢) ينظر الخَبَرُ في مغازي الواقدي (٢/ ٨١٢)، ودلائل النبوة للبيهقي (٥/ ٤٨)، لَكِنْ وَقَعَ فِيهِما أَنَّ الَّذِي أُرِيَ في المنام أَبُو بَكْرٍ، وهُوَ الَّذِي قَصَّ الخَبَرَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ، ثُمَّ عَبر رَسُولُ اللهِ =

<<  <  ج: ص:  >  >>