للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَسَبٌ مِنْ جِهَةِ الدِّينِ اعْتِقَادِيٌّ، وَنَسَبٌ صِنَاعِيٌّ، فَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ نَسَبِ البِلَادِ وَالأَوْطَانِ.

وَكَانَتِ الْمَدِينَةُ دَارَ الأَنْصَارِ، وَكَانَتِ الهِجْرَةُ إِلَيْهَا أَمْرًا وَاجِبًا، فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ أَمْرًا بِهَا لَمْ يَتْرُكْ بِلَادَهُ وَيُفَارِقُ أَوْطَانَهُ، لَوْلَا هَذِهِ النِّسْبَةُ فِي الهِجْرَةِ الَّتِي لَا يَسَعُنِي تَرْكُهَا لَانْتَسَبْتُ إِلَى دَارِكُمْ.

وَقَدْ يُنْسَبُ الرَّجُلُ إِلَى مَكَانٍ إِذَا طَالَ مُقَامُهُ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ: (لَوْ سَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا) أَيْ: رَأْيًا وَمَذْهَبًا.

وَفِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ) (١)، أَنْكَرَ عَلَيْهِ مَوْضِعَ العَجَلَةِ، وَتَرْكَ التَّثَّبُّتِ فِي أَمْرِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ: صَبَأْنَا)، لأَنَّ هَذِهِ الكَلِمَةَ تَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ، وَإِنَّمَا تَأَوَّلَ خَالِدٌ أَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِقِتَالِهِمْ إِلَى أَنْ يُسْلِمُوا.

وَقَوْلُهُمْ: (صَبَأْنَا) كَلَامٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: انْتَقَلْنَا مِنْ دِينِنَا إِلَى دِينٍ آخَرٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا القَوْلُ صَرِيحًا فِي الْاِنْتِقَالِ إِلَى دِينِ الإِسْلَامِ، ثَبَتَ عَلَى مَا أُمِرِ بِهِ مِنْ قِتَالِهِمْ، إِذْ لَمْ تُوجَدْ شَرِيطَةُ حَقْنِ الدَّمِ بِصَرِيحِ الاِسْمِ.

وَقِيلَ: ظَنَّ أَنَّهُمْ إِنَّمَا عَدَلُوا عَنِ اسْمِ الإِسْلَامِ أَنْفَةً، فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ القَوْلَ مِنْهُمْ إِقْرَارًا.

وَرُوِيَ: (أَنَّ النَّبِيَّ بَعَثَ خَالِدًا إِلَى أُنَاسٍ مِنْ خَثْعَمَ، فَاسْتَعْصَمُوا


(١) حديث (رقم: ٤٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>