للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ (١)، وَلَكِنْ: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا، إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بَرْكِ الغِمَادِ لَجَالَدْنَا مَعَكَ مِنْ دُونِهِ حَتَّى تَبْلُغَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ خَيْرًا، وَدَعَا لَهُ.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ : أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ - وَإِنَّمَا يُرِيدُ الأَنْصَارَ - وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَدَدُ النَّاسِ، وَأَنَّهُمْ حِينَ بَايَعُوهُ بِالعَقَبَةِ قَالُوا: [يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا بَرَاءٌ مِنْ دِمَامِكَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى دِيَارِنَا] (٢)، فَإِذَا وَصَلْتَ إِلَيْنَا، فَأَنْتَ فِي ذِمَامِنَا، نَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا.

فَكَانَ رَسُولُ اللهِ يَتَخَوَّفُ أَنْ لَا تَكُونَ الأَنْصَارُ تَرَى عَلَيْهَا نُصْرَتَهُ إِلَّا مِمَّنْ دَهَمَهُ بِالمَدِينَةِ مِنْ عَدُوِّهِ، وَأَنْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ (٣) يَسِيرَ بِهِمْ إِلَى عَدُوِّهِ مِنْ بَلَدِهِمْ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ، قَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: وَاللهِ لَكَأَنَّكَ تُرِيدُنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَامْضِ لِمَا أَرَدْتَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَوِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا البَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ، مَا تَخَلَّفَ مِنَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوَّنَا غَدًا، إِنَّا لَصُبُرٌ عِنْدَ الحَرْب، صُدُقٌ فِي اللّقَاءِ، لَعَلَّ الله أَنْ يُرِيَكَ مِنَّا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُكَ، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللهِ.

فَسُرَّ النَّبِيُّ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّ


(١) سورة المائدة، الآية: (٢٤).
(٢) ساقطة من المخطوط، وتنظر: سيرة ابن هشام (٣/ ١٦٢).
(٣) وقع في المخطوط هنا زيادة (قال احل)، والمثبت من سيرة ابن هشام (٣/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>