للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَاللهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ الآنَ إِلَى مَصَارِعِ القَوْمِ.

ثُمَّ ارْتَحَلَ فَسَلَكَ عَلَى ثَنَايَا يُقَالُ لَهَا: الأَصَافِرُ (١)، ثُمَّ نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ بَدْرٍ.

وَأَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ، فَلَمَّا نَزَلُوا الجُحْفَة (٢)، رَأَى جُهَيْمُ بنُ الصَّلْتِ بن مَخْرَمَةَ رُؤْيَا، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ، حَتَّى وَقَفَ وَمَعَهُ بَعِيرٌ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: قُتِلَ عُتْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ مِنْ رَبِيعَةَ، وَأَبُو الحَكَمِ بنُ هِشَامٍ، وَأُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ، وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَعَدَّ رِجَالًا مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ ضَرَبَ فِي لُبَّةِ بَعِيرِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي العَسْكَرِ، فَمَا بَقِيَ خِبَاءٌ مِنْ أَخْبِيَةِ العَسْكَرِ إِلَّا أَصَابَهُ نَضْحُ مِنْ دَمِهِ.

فَبَلَغَتِ الرُّؤْيَا أَبَا جَهْلِ فَقَالَ: وَهَذَا أَيْضًا نَبِيٌّ آخَرُ مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ، سَيَعْلَمُ غَدًا مَنِ الْمَقْتُولُ إِنْ نَحْنُ الْتَقَيْنَا (٣).

وَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ قَدْ أَحْرَزَ عِيرَهُ، أَرْسَلَ إِلَى قُرَيْشٍ: إِنَّمَا خَرَجْتُمْ لِتَمْنَعُوا عِيرَكُمْ، فَقَدْ نَجَّاهَا اللهُ، فَارْجِعُوا، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَرِدَ بَدْرًا - وَكَانَ بَدْرُ مَوْسِمًا مِنْ مَوَاسِمِ العَرَبِ، يَجْتَمِعُ لَهُمْ بِهَا سُوقٌ كُلَّ عَامٍ - فَنُقِيمُ


(١) الأَصَافِرُ: جِبال قَرِيبة مِنَ الجُحفة عَن يمين الطَّريق من المدينة إلى مكَّة، سُمِّيت بذلك لأنَّها هَضبات صُفْرٌ، ينظر: معجم ما استعجم للبكري (١/ ١٦٢).
(٢) الجُحْفَةُ: جَيمٌ مَضْمُومَةٌ، وحاءٌ سَاكنة، وفاءٌ، ثُمَّ هاء، توجد اليوم آثارها شَرْقَ مَدينة رابغ بِحَوالي (٢٢) كِيلًا، إذا خَرَجْتَ من رابغ تؤُمُّ مكَّة كانت إلى يسارك، وينظر: معجم المعالم الجغرافية للبلادي: (ص: ٧٩ - ٨٠).
(٣) ينظر سياق هذه القِصَّة عند البيهقي في الدلائل (٣/ ٣١ - ٣٢)، والمبعث والمغازي لقوام السُّنَّة التيمي (١/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>