للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلاثًا، نَنْحَرُ الجُزْرَ، وَنُطْعِمُ النَّاسَ، وَنُسْقِي الخَمْرَ، وَتَعْزِفُ عَلَيْنَا القِيَانُ، وَتَسْمَعُ بنَا العَرَبُ، فَلَا يَزَالُونَ يَهَابُونَنَا.

وَمَضَتْ قُرَيْشٌ حَتَّى نَزَلُوا بِالعُدْوَةِ القُصْوَى مِنَ الوَادِي خَلْفَ العَقَنْقَلِ، وَهُوَ يَلْيَلُ (١) بَيْنَ بَدْرٍ وَبَيْنَ العَقَنْقَل [الكَثِيبُ الَّذِي خَلَّفَهُ قُرَيْش] (٢)، وَالقُلُبُ فِي العُدْوَةِ الدُّنْيَا مِنْ بَطْنِ يَلْيَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ.

وَبَعَثَ اللهُ السَّمَاءَ، وَكَانَ الوَادِي دَهْسًا، فَأَصَابَ رَسُولَ اللهِ وَأَصْحَابَهُ مِنْهَا مَا لَبَّدَ لَهُمُ الأَرْضَ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنَ الْمَسِيرِ، وَأَصَابَ قُرَيْشًا مِنْهَا مَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَرْتَحِلُوا مَعَهُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ [يُبَادِرُهُمْ إِلَى الْمَاءِ] (٣) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَدْنَى مَاءٍ مِنْ مِيَاهِ بَدْرٍ نَزَلَ بِهِ.

فَقَالَ الحُبَابُ مِنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ هَذَا لَكَ بِمَنْزِلٍ، فَانْهَضَ بِالنَّاسِ حَتَّى تَأْتِيَ أَدْنَى مَاءٍ مِنَ القَوْمِ، فَنَنْزِلَهُ، ثُمَّ نُغَوِّرُ مَا سِوَاهُ مِنَ القُلُبِ، ثُمَّ نَبْنِي عَلَيْهِ حَوْضًا، فَنَمْلَؤُهُ مِنَ المَاءِ، ثُمَّ نُقَاتِلُ القَوْمَ، فَنَشْرَبُ وَلَا يَشْرَبُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (أَشَرْتَ بِالرَّأْي) (٤).


(١) يليل: بتكرير الياء، مَفْتُوحَتَيْن، وَلَامَيْنِ: قَرْيَةٌ قُرْب وَادي الصَّفْراء مِن أَعْمَالَ الْمَدِينَةِ، وَفِيهَا عَيْنٌ كَبِيرَةٌ تُسَمَّى: البحيرة. معجم ما استعجم للبكري (١/ ٢٣٢)، ومعجم البلدان لياقوت (٥/ ٤٤١).
(٢) زيادة من سيرة ابن هشام (٣/ ١٦٧).
(٣) الزيادة من سيرة ابن هشام (٣/ ١٦٧).
(٤) الخبر أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٣٥) من طريق محمد بن إسحاق، قال: حَدَّثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزُّبَيْر.
وحدَّثني الزُّهري ومحمد بن يحيى بن حِبان، وعاصم بن عمر بن قَتَادة، الله وعبد بن أبي بكر وغيرهم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>