للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، فَاسْتَحَالَ بِفَرَسِهِ حَوْلَ العَسْكَرِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: ثَلَاثَ مِائَةِ رَجُلٍ، يَزِيدُونَ قَلِيلًا أَوْ يَنْقُصُونَهُ، وَلَكِنْ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَنْظُرَ أَلِلْقَوْمِ كَمِينٌ؟

فَضَرَبَ فِي الوَادِي حَتَّى أَبْعَدَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا، وَلَكِنِّي قَدْ رَأَيْتُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ البَلَايَا تَحْمِلُ الْمَنَايَا، نَوَاضِحُ يَثْرِبَ تَحْمِلُ المَوْتَ النَّاقِعَ، قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَلَا مَلْجَأٌ إِلَّا سُيُوفُهُمْ، وَاللهِ مَا أَرَى أَنْ يُقْتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ رَجُلٌ مِنْكُمْ، فَإِذَا أَصَابُوا مِنْكُمْ أَعْدَادَهُمْ، فَمَا خَيْرُ العَيْشِ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَرَوْا رَأْيَكُمْ.

قَالُوا: وَخَرَجَ الأَسْوَدُ بنُ عَبْدِ الأَسَدِ المَخْزُومِيُّ - وَكَانَ رَجُلًا شَرِسًا سَيِّئَ الخُلُقِ - فَقَالَ: أَعَاهِدُ الله لأَشْرَبَنَّ مِنْ حَوْضِهِم، وَلأَهْدِمَنَّهُ أَوْ لأَمُوتَنَّ، فَلَمَّا خَرَجَ، [خَرَجَ] (١) لَهُ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ الْمُطَّلِب ، فَلَمَّا الْتَقَيَا، ضَرَبَهُ حَمْزَةُ فَأَطَنَّ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ، وَهُوَ دُونَ الحَوْضِ، فَوَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ تَشْخُبُ رِجْلُهُ دَمًا، ثُمَّ حَبَا إِلَى الحَوْضِ حَتَّى اقْتَحَمَ [فِيهِ، يُرِيدُ - زَعَمَ - أَنْ يَبَرَّ يَمِينَهُ، وَاتَّبَعَهُ حَمْزَةُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى قتَلَهُ فِي الحَوْضِ] (٢).

[ثُمَّ تَزَاحَفَ النَّاسُ، وَدَنَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ ] (٣) أَصْحَابَهُ أَنْ لَا يَحْمِلُوا حَتَّى يَأْمُرَهُمْ وَرَسُولُ اللهِ فِي العَرِيشِ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصديق .


(١) زيادة من سيرة ابن هشام (٣/ ١٧٢).
(٢) زيادة من المصدر السابق.
(٣) ساقطة من المخطوط، والاستدراك من سيرة ابن هشام (٣/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>