للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قتْلَانَا فِي الجَنَّةَ، وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ).

فَلَمَّا أَجَابَ عُمَرُ أَبَا سُفْيَانَ، قَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ: هَلُمَّ إِلَيَّ يَا عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ : اثْتِهِ فَانْظُرْ مَا شَأْنُهُ؟ فَجَاءَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عُمَرُ، أَقْتَلْنَا مُحَمَّدًا؟ قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ لَا، وَإِنَّهُ يَسْمَعُ كَلَامَكَ الآنَ، قَالَ: أَنْتَ أَصْدَقُ عِنْدِي مِنْ ابْنِ قَمِئَةَ (١).

ثُمَّ نَادَى: إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِي قَتْلَاكُمْ مُثْلٌ، وَاللهِ مَا رَضِيتُ وَلَا سَخِطْتُ، وَمَا نَهَيْتُ وَمَا أَمَرْتُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَنَادَى: إِنَّ مَوْعِدَكُمْ بَدْرٌ لِلعَامِ الْمُقْبِلِ.

قَالَ ابن أَبِي صَعْصَعَةَ (٢): قَالَ رَسُولُ اللهِ : مَنْ رَجُلٌ يَنْظُرُ مَا فَعَلَ سَعْدُ بن الرَّبيع، أَفِي الأَحْيَاءِ هُوَ أَمْ فِي الأَمْوَاتِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ (٣): أَنَا أَنْظُرُ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَنَظَرَ فَوَجَدَهُ جَرِيحًا فِي القَتْلَى بِهِ رَمَقٌ، فَقُلْتُ لَهُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ أَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ لَهُ فِي الأَحْيَاءِ أَنْتَ، أَمْ فِي الأَمْوَاتِ؟ قَالَ: فَأَنَا فِي الأَمْوَاتِ، أَبْلِغْ رَسُولَ اللهِ عَنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: إِنَّ سَعْدَ بنَ الرَّبِيعِ يَقُولُ جَزَاكَ اللهُ عَنَّا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ، وَقُلْ لِقَوْمِي: إِنَّ سَعْدَ بنَ الرَّبِيعِ يَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ إِنْ خَلْصَ إِلَى نَبِيِّكُمْ، وَمِنْكُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ، قَالَ: ثُمَّ


(١) روى القِصَّة ابن إسحاق كما في أسد الغابة لابن الأثير (٤/ ١٦٥)، والطبري في تفسيره (٧/ ٣١٠) عن عاصم بن عُمَر بن قَتَادة أنَّ أبَا سُفْيانَ قَالَ لِعُمَر، فَذَكَرَه بِنَحْوِهِ.
(٢) سيرة ابن إسحاق (ص: ٣١٣ - ٣١٤)، وتنظر سيرة ابن هشام (٤/ ٤٣ - ٤٤).
(٣) قال الواقدي: إنَّ هذا الرَّجل هو مُحمَّد بن مسلمة، كما في المغازي (١/ ٢٩٢ - ٢٩٣)، وينظر البداية والنهاية لابن كثير (٥/ ٤٢٤)، وذكر ابن عبد البر في الاستيعاب (٢/ ٥٩٠) أنه أبي بن كعب والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>