للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا نَزَلُوهَا بَعَثُوا حَرَامَ بنَ مِلْحَانَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ إِلَى عَدُوِّ اللَّهِ عَامِرِ بن الطُّفَيْلِ، فَلَمَّا أَتَاهُمْ لَمْ يَنْظُرْ فِي كِتَابِهِ حَتَّى عَدَا عَلَى الرَّجُلِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ اسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ بَنِي عَامِرٍ، فَأَبَوْا أَنْ يُجِيبُوهُ إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ، وَقَالُوا: لَنْ نَخْفِرَ أَبَا بَرَاءٍ.

فَاسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ قَبَائِلَ مِنْ سُلَيْمٍ، عَصِيَّةً وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، فَخَرَجُوا حَتَّى غَشَوْا القَوْمَ فَأَحَاطُوا بِهِمْ فِي رِحَالِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ أَخَذُوا السُّيُوفَ، فَقَاتَلُوا القَوْمَ حَتَّى قُتِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ إِلَّا كَعْبَ بنَ زَيْدٍ تُرِكَ وَبِهِ رَمَقٌ، فَارْتُثَّ (١) مِنْ بَيْنِ القَتْلَى، فَعَاشَ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ الخَنْدَقِ.

قَالَ جَبَّارُ بنُ سُلْمَى - وَكَانَ فِيمَنْ حَضَرَ يَوْمَئِذٍ مَعَ عَامِرٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ -: (إِنَّ مِمَّا دَعَانِي إِلَى الإِسْلَامِ أَنِّي طَعَنْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ بِالرُّمْحِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى سِنَانِ الرُّمْحِ خَرَجَ مِنْ صَدْرِهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ حِينَ طَعَنْتُهُ: فُزْتُ وَاللهِ، قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا فَازَ، أَلَيْسَ قَدْ قَتَلْتُ الرَّجُلَ؟ حَتَّى سَأَلْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ، فَقَالُوا: الشَّهَادَةَ، فَقُلْتُ: فَازَ لَعَمْرُ اللهِ) (٢).

قَالَ عُرْوَةُ (٣): إِنَّ عَامِرَ بنَ الطُّفَيْلِ كَانَ يَقُولُ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ لَمَّا قُتِلَ رَأَيْتُهُ


= الحِجاز العظيمة، وهي اليومَ ديار، (مطير)، ولم تَعُد (سُليمٌ) تقربُها، انظر: معجم ما استعجم للبكري (٤/ ١٢٤٥)، ومعجم البلدان لياقوت (٥/ ١٥٩)، ومعجم المعالم الجغرافية (ص: ٥٢)، والمعالم الأثيرة (ص: ٤٣)،
(١) أي: رُفِعَ وَبِهِ جِرَاحٌ، يُقَال: ارْتُثَّ الرَّجُلُ مِنْ مَعْرَكَة الحَرْبِ: إِذَا رُفِعَ مِنْهَا وَبِهِ بَقِيَّةُ حَيَاةٍ. الإملاء المختصر في شرح غريب السير لأبي ذرٍّ الخُشْنِي (ص: ٢٨٥).
(٢) ينظر: المغازي للواقدي (١/ ٣٤٧ - ٣٤٩)، وسيرة ابن هشام (٤/ ١٤٠).
وأصل الحديث أخرجه البخاري (رقم: ٤٠٩١، ورقم: ٤٠٩٢) من حديث أنس بن مالكٍ .
(٣) أخرجه البخاري (رقم: ٤٠٩٣) من طريق أبي أُسَامة عن هِشَام بن عُروة عن أبيه به مُرْسَلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>