للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدَلَّ أَنَّ الجَمْعَ قَدْ سَبَقَ وَفَاتَهُ ، وَهُوَ جَمْعُ النَّظْم وَالتِّلَاوَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَرْبَعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ كَانُوا جَمَعُوا القُرآنَ كُلَّهُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ ، وَهُمْ: أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ (١).

وَقَدْ كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ شُرَكَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ أَشَدَّ اشْتِهَارًا بِهِ، يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ القِرَاءَاتِ مِنْ أَهْلِ الحِجَازِ وَالشَّامِ وَالعِرَاقِ كُلٌّ مِنْهُمْ قَدْ عَزَا قِرَاءَتَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَرَأَهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ .

فَأَسْنَدَا عَاصِمٌ قِرَاءَتَهُ إِلَى عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ ؛

وَأَسْنَدَ ابْنُ كَثِيرٍ قِرَاءَتَهُ إِلَى أُبَيِّ بن كَعْبٍ، وَكَذَلِكَ أَبُو عَمْرِو بْنُ العَلَاءِ.

وَأَمَّا ابن عَامِرٍ فَإِنَّهُ أَسْنَدَ قِرَاءَتَهُ إِلَى عُثْمَانَ (٢).


= وأخرجه أبو بكر الشافعي في الغَيْلانيات (٢/ ٣٢٣)، (رقم: ١٠)، والدارقطني في العلل (١/ ٢٠٨ - ٢٠٩) من طريق أبي معاوية عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن مسروق عن أبي بكر نحوه.
وفيه: عَنْعَنة زَكريا بن أبي زَائِدة، وهُو مُدَلِّس، ثُمَّ إِنَّ سَمَاعه مِنْ أبي إسحاق السَّبيعي كانَ بِأَخَرَة، وأَبُو إِسْحَاقَ السَّبيعي اخْتَلَط كما في الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: ٣٥٠).
وفِيهِ عِلَّةٌ أُخْرى: وَهِي الاخْتِلافُ فِي سَمَاع مَسْرُوق بن الأَجْدَع أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيق ، كَمَا فِي المَرَاسِيل لابن أبي حاتم ص: (٢١٥)، وجامع التحصيل للعلائي (ص: ٣٤٠).
قال الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة (ص: ٤١١): "وهو مُرْسلٌ صحيحٌ، إِلَّا أَنَّه موصوفٌ بالإضطراب، وَنَقَلَ عن حمزة السَّهميِّ عن الدَّارقطني قوله: (طرُقُه كلُّها مُعْتَلَّة) ".
والحديثُ صَحَّحه الألبانيُّ في السِّلْسِلة الصَّحيحة (٢/ ٦٧٩).
(١) أخرجه البخاري (رقم: ٥٠٠٣)، ومسلم (رقم: (٢٤٦٥) عن قَتَادة قَالَ: قُلتُ لِأَنَس: من جَمَع القُرْآنَ على عهد رسول الله ؟ قال: أربعة كُلُّهم من الأنصار: أُبَيُّ بنُ كَعب، ومُعاذُ بنُ جَبَل، وزيدُ بنُ ثَابت، وأبو زَيد). هذا لفظ البخاري.
(٢) ينظر في ذلك: النَّشْر في القراءات العشر لابن الجزري (١/ ١٣٣ - ١٧٨ - ١٤٤)، ومَعْرِفة القُرَّاء =

<<  <  ج: ص:  >  >>