للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنُورِهِ لَمْ يُدْرِكْهُ شَيْءٌ) (١).

وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ (٢) دَلِيلٌ عَلَى [أَنَّ] (٣) النَّبِيَّ لَمْ يَرَ رَبَّهُ، لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - وَهُوَ تُرْجُمَانُ القُرْآنِ - قَالَ لِعِكْرِمَةَ: ذَاكَ نُورُهُ، إِذَا تَجَلَّى بِنُوره لَا يُدْرِكُهُ شَيْءٌ) (٤).

وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ (٥)، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ إِذَا قَالَ: كَلَّمَهُ اللهُ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ.

قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ (٦): ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ رَأَى رَبَّهُ، وَبِيَقِينٍ نَعْلَمُ أَنَّ هَذَا مِنَ الجِنْسِ الَّذِي لَا يُدْرَكُ بِالعُقُولِ وَالظُّنُّونِ، وَلَا يُدْرَكُ مِثْلُ هَذَا إِلَّا مِنَ النُّبُوَّةِ: إِمَّا بِالكِتَابِ، أَوْ بِقَوْلِ نَبِيٍّ مُصْطَفَىً، وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ


(١) أخرجه الترمذي رقم: (٣٢٧٩)، وابنُ أبي عَاصمٍ في السُّنة (١/ ١٨٩ - ١٩٠)، وابن خزيمة في التوحيد (٢/ ٤٨١)، واللالكائيُّ في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٣/ ٥٢١)، من طريق الحكم بن أبان قال: سمعتُ عكرمة فذكره.
قال الترمذي: "حسنٌ غريبٌ مِن هذا الوجه".
وضَعَّف إسنَادَهُ الألبانيُّ في ظلال الجنة (١/ ١٩٠) لمكانِ الحَكَم بن أَبَان، وهو صَدُوقٌ له أَوْهَامٌ كما قال الحافظ في التقريب.
(٢) سورة الأنعام، الآية: (١٠٣).
(٣) ساقطةٌ مِن المخْطُوط، وهي زِيَادَةٌ يَقْتَضِيها السِّيَاق.
(٤) تقدم تخريجه قريبا.
(٥) سورة الشورى، الآية: (٥١).
(٦) ينظر نحو هذا الكلام في كتاب التَّوْحِيد لابن خُزَيمة (٢/ ٥٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>