للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الصَّابُونِي (١): إِنَّ أَصْحَابَ الحَدِيثِ حَفِظَ اللَّهُ أَحْيَاءَهُمْ، وَرَحِمَ أَمْوَاتَهُمْ، يَشْهَدُونَ للهِ بِالوَحْدَانِيَّةِ، وَلِلرَّسُولِ بِالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ، وَيَعْرِفُونَ رَبَّهُمْ بِصِفَاتِهِ الَّتِي نَطَقَ بِهَا وَحْيُهُ وَتَنْزِيلُهُ، أَوْ شَهِدَ لَهُ بِهَا رَسُولُهُ ، عَلَى مَا وَرَدَتِ الأَخْبَارُ الصِّحَاحُ بِهِ، وَنَقَلَتِ العُدُولُ الثِّقَاتُ عَنْهُ، يُثْبِتُونَ لَهُ ﷿ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ، وَلَا يَعْتَقِدُونَ تَشْبِيهًا لِصِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ، يَقُولُونَ: إِنَّهُ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، كَمَا نَصَّ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ ﷿ مِنْ قَائِلٍ: ﴿قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ (٢)، وَلَا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، بِحَمْلِ اليَدَيْنِ عَلَى النِّعْمَتَيْنِ، أَوِ القُوَّتَيْنِ، تَحْرِيفَ الْمُعْتَزِلَةِ (٣)، وَالجَهْمِيَّةِ (٤) أَهْلَكَهُمُ اللهُ، وتَشْبِيهِها بِأَيْدِي الْمَخْلُوقِينَ، تَشْبِيهَ الْمُشَبِّهَةِ (٥) خَذَلَهُمُ اللَّهُ.


= العِبَارة قولُ الإمام الطَّحَاوي في عقيدته المشهورة: "وَلَا تَثْبِتُ قَدَمُ الإِسلام إِلَّا على ظَهْر التَّسليم وَالاسْتسلام" (ص: ١٦٨) مع شرح ابن أبي العِزِّ الَحنَفِي.
(١) ينظر: عقيدة السَّلَف وأَصْحاب الحدِيث للصابوني (ص: ١٦٠ - ١٦١ - ١٦٢).
(٢) سورة ص، الآية: (٧٥)
(٣) المُعْتَزِلَةُ: نِسبةً إلى اعتزال وَاصِل بن عطاء مَجلس شيخه الحسن البصرِيِّ لَمَّا أَظهر واصلٌ بدعَتَه أنَّ الفاسقَ في منزلةٍ بينَ المنزلتيْن، فَطرده الحسن البصري، فاعتزَلَ عِند ساريةٍ من سواري المسجد، فانضمَّ إليه عَمرو بنُ عُبيد، فقال النَّاسُ حينها: إنَّهما قَدِ اعتزلا النَّاس.
واسمُ المعتزلة يشملُ فرقًا كثيرَةً يجمعُها القولُ بالأُصولِ الخَمسة، وهي: التَّوحيدُ، والعدلُ، والأمرُ بالمعروف والنَّهي عن المنكر، والمنزلةُ بين المنزلتيْن، وإنْفَاذُ الوَعِيدِ، وينظر: الفرق بين الفرق للبغدادي (ص: ٩٣) فما بعدها، والفصل في الملل والأهواء (٤/ ١٩٢).
(٤) الجَهْمِيَّةُ: أتبَاعُ الجهم بن صفوانَ، ظهرَتْ بِدْعَته بترمِذ، وافَقَ المعتزلة في نَفْي الصِّفَاتِ، وَالقَولِ بخَلْق القُرآن، وزادَ أن الإنسانَ مجبورٌ على أَفْعَالِهِ، لَا قُدْرَةَ لَهُ وَلَا إرادَة، وأنَّ الجنَّةِ وَالنَّارِ تَفْنَيان، وأنَّ الإيمانَ هو مُجرَّد المعرفة … إلى غير ذَلك منَ البِدَع.
وينظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٨٦) - ٨٨)، والفَرقُ بَيْنَ الفِرَق للبغدادي (ص: ١٩٩).
(٥) المُشَبَّهَةُ: اسمٌ لطوَائف مِن أَهل البدَع والضَّلال، يشبِّهُون الله يِخلقه، ومنهُم من يُشبِّه صفاته=

<<  <  ج: ص:  >  >>