وهذا الحديثُ من أَشْهَر الأَحَادِيث الَّتِي تَنَاوَلَها النُّقَّادَ بِالرَّفْعِ والخَفْضِ، فَقَد ضَعَّفَه القَطَّانِ كما في الجامع للخَطيب (٢/ ٢٦٩)، وأَحْمَدُ بنُ حَنبل فيمَا نَقَلَه عنه شَيْخُ الإِسْلام في مَجْمُوع الفَتَاوَى (٣٢/ ١١٦)، والنَّسَائِيُّ في سُنَنِه - كما تقدَّم - (٧/ ٦٧)، وابنُ القَيِّمِ فِي رَوْضَة الْمُحِبِّين (ص: (١٢٩)، بل إنَّ بَعْضَ الأَئِمَّةِ أَدْخَلُوه في مَوْضُوعَاتِهم. لكنْ طُرُقُ الحَدِيث تَشْهَدُ أَنَّ لَهُ أَصْلًا، وَقَدْ صَحَّحه ابن حَزْم في المحلَّى (١٢/ ٢٣٤)، وابنُ الملَقِّن في البَدْرِ الْمُنير أيضًا (٨/ ١٧٨)، فما بَعْدَها، والحافِظ في التَّلخِيص الحَبِير (٣/ ٢٢٥)، وقالَ الشَّوكانيُّ في الفَوائد الْمَجْمُوعَة (ص: (١٢٩): "إِدْخالُ مِثْل هذا الحديث في الموضوعات مُجازَفَةٌ ظاهِرة". * تنبيهان: الأول: جمع الحافظ ابن عبد الهادي طرق هذا الحديث في جزء له سماه: (تَخْرِيجُ حَدِيثِ إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ)، محفوظ بالظاهرية في دمشق، ومنه صورة بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة ضمن مجموع (رقم: ١٥٦٣) من (ص: ١١٧) إلى (ص: ٢٢١). الثاني: اختلف العلماء في تفسير قوله (لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ)، فقال بعضهم: إنه كناية عن الفجور، وبه قال أبو عبيد والخلال، والخطابي، وهو الظاهر من ترجمة النسائي عليه باب تزويج الزانية. وقيل: معناه التبذير للمال والتسلط على هلكته، وأنها لا تمنع أحدًا سألها شيئًا، وهو قول أحمد والأصمعي، ومحمد بن نصر، وهذا أقرب إلى تأويل القرآن قال تعالى ﴿وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾. وينظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (٤/ ٢٧٠)، التلخيص الحبير لابن حجر (٣/ ٢٢٥) قال أحمد: (لَمْ يَكُنْ لِيَأْمُرَهُ بِإِمْسَاكِهَا وَهِيَ تَفْجُرُ).