للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللهِ ) (١).

قَالَ: وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنْ لَيْسَ بَيْعُهَا طَلَاقًا، إِذْ خَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ بَعْدَ بَيْعَتِهَا.

قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ (٢): إِذَا كَانَتِ الأَمَةُ ذَاتَ زَوْجٍ فَبِيعَتْ، أَوْ أُعْتِقَتْ كَانَ النِّكَاحُ بِحَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا لَهَا، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ .

وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ: بَيْعُهَا طَلَاقُهَا، وَكَذَلِكَ عِتْقُهَا، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ (٣)، فَحَرَّمَ ذَوَاتِ الأَزْوَاجِ أَنْ يُمْلَكْنَ فَيَحْلُلْنَ لِلْمَالِكٍ، وَهَذِهِ قَدْ مُلِكَتْ بِالابْتِيَاعِ، فَوَجَبَ أَنْ تَحِلَّ لِمَالِكِهَا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا حَلَّتْ ذَاتُ الزَّوْجِ بِالسَّبي بِحُدُوثِ مِلْكِ السَّابِي، وَجَبَ أَنْ تَحِلَّ بِالشِّرَاءِ بِحُدُوثِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي.

وَالدَّلِيلُ عَلَى ثُبُوتِ النِّكَاحِ: أَنَّ بَرِيرَةً أُعْتِقَتْ تَحْتَ زَوْجٍ فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ فِي نِكَاحِهِ (٤)، وَلَوْ كَانَ نِكَاحُهَا قَدْ بَطَلَ بِعِنْقِهَا لأَخْبَرَهَا بِهِ، وَلَمْ يُخَيِّرُهَا فِيهِ.

وَلِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ أَلْبَتُ مِنْ عَقْدِ الإِجَارَةِ لِدَوَامِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَبْطُلْ عَقْدُ الإِجَارَةِ بِالعِتْقِ وَالبَيْعِ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَبْطُلَ بِهِمَا النِّكَاحُ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْعُ الزَّوْجِ وَعِتْقُهُ لَا


(١) الأم للشافعي (٥/ ٢٢٢).
(٢) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (٩/ ٣٥٦)، وبحر المذهب للروياني (٩/ ٣٤٤)، ونَسَبَ القَوْلَ الأَوَّل إلى أَكْثَرِ الصَّحَابَة ، وجُمْهُور الفُقَهَاء.
(٣) سورة النساء، الآية: (٢٤).
(٤) أخرجه مسلم (رقم: ١٥٠٤) من حديث عائشة .

<<  <  ج: ص:  >  >>