للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّ عُرْوَةَ أَخَصُّ بِعَائِشَةَ مِنَ الأَسْوَدِ، لِأَنَّهُ ابن أُخْتِهَا، وَكَذَلِكَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ هُوَ ابن أَخِيهَا، فَهُمْ مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ كَلَامَهَا مُشَاهَدَةً مِنْ غَيْرِ حِجَابٍ، وَالأَسْوَدُ لَا يَسْمَعُ كَلَامَهَا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، فَكَانَتْ رِوَايَتُهُمْ أَوْلَى مِنْ رِوَايَتِهِ (١).

وَلِأَنَّ نَقْلَ الحُرِّيَّةِ لَا يُفِيدُ عِلَّةَ الحُكْمِ، لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَجْعَلُ حُرِّيَّةَ الزَّوْجِ عِلَّةً فِي ثُبُوتِ الخِيَارِ، فَكَانَتْ رِوَايَةُ العُبُودِيَّةِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ قَدْ وَافَقَ عَائِشَةَ فِي رِوَايَةِ العُبُودِيَةِ صَحَابِيَانِ: ابن عُمَرَ، وَابنُ عَبَّاسٍ (٢).

وَقَوْلُهُمْ بِأَنَّ شُهُودَ الحُرِيَّةِ أَوْلَى، وَقِيَاسُهُمْ عَلَيْهَا رِوَايَةَ الحُرِّيَّةِ، يُقَالُ لَهُمْ: يَبْطُلُ هَذَا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: (وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرُهَا) (٣)، وَلِأَنَّهَا كَافَأَتْ زَوْجَهَا فِي الفَضِيلَةِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَثْبُتَ لَهَا بِذَلِكَ خِيَارٌ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ تَحْتَ مُسْلِمٍ، أَوْ أَفَاقَتْ مِنْ جُنُونٍ تَحْتَ عَاقِلٍ.

وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِقَوْلِهِ: (قَدْ مَلَكْتِ بُضْعَكِ، فَاخْتَارِي) (٤)، هَذَا اللَّفْظُ لَمْ يُوجَدْ


= وصَحَّحه الحاكِمُ على شَرْط الشَّيخين، ووافقه الذهبي.
(١) يقارن بالحاوي الكبير للماوردي (٩/ ٣٥٧ - ٣٥٨)، وذكرَ معنى هذا الكلام أيضا ابن بَطَّال في شرحه على البخاري (٧/ ٤٣٠).
(٢) حديثُ ابن عُمَر: أخْرَجه الدَّارقطني في سننه سننه (٣/ ٢٩٣) من طريق ابن أبي ليلى عن نافع عنه به.
وتابَعه عبدُ الله بنُ دِينار عنه، أخرجه الدارقطنيُّ في الْمَوْطن السَّابق، وقال في آخره: قال أبُو بَكر النَّيْسَابُورِي - شيخ الدارقطني: "هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ".
وأما حديث ابن عباس فقد أخرجه البخاري كما تقدم (رقم: ٥٢٨٣).
(٣) تقدم تخريجه، وهو عند مسلم (رقم: ١٥٠٤).
(٤) تقدم تخريجه قريبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>