للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ: (حَتَّى تُجِنَّ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ)، العَفْوُ: مَحْوُ الشَّيْءِ، يُقَالُ: عَفَا الشَّيْءَ وَعَفَوْتُهُ، وَقِيلَ: عَفَتِ الرُّمْحُ الأَثَرَ، وَالعَفْوُ مَحْوُ الذَّنْبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ﴾ (١).

قَالَ صَاحِبُ الْمُجْمَلِ (٢): العَفْوُ: عَفْوُ اللَّهِ عَنْ خَلْقِهِ، وَكُلُّ مَنِ اسْتَحَقَّ عُقُوبَةً وَتُرِكَتْ فَقَدْ عُفِيَ عَنْهُ.

وَعَفَتِ الدَّارُ تَعْفُو: إِذَا غَطَّاهَا التُّرَابُ.

وَقَوْلُهُ: (حَتَّى تُجِنَّ)، أَيْ: تُخْفِي، وَسُمِّي التُّرْسُ مِجَنًّا لِأَنَّهُ يُتَوارَى بِهِ، وَسُمِّيَ القَبْرُ جَنَنًا لِأَنَّهُ يُوَارِي، وَسُمِّيَ الجِنُّ جِنًّا لأَنَّهُمْ مُوَارُونَ، وَبِهِ سُمِّيَ الجَنِينُ لِأَنَّهُ يُوَارَى فِي بَطْنِ أُمِّهِ، يُقَالُ: أَجَنَّهُ اللَّيْلُ، وَجَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أَيْ: وَارَاهُ وَسَتَرَهُ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابن عَبَّاسٍ: (قَلَبْتَ لابْنِ عَمِّكَ ظَهْرَ الْمِجَنِّ) (٣)، هَذِهِ كَلِمَةٌ تُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ كَانَ لِصَاحِبِهِ عَلَى مَوَدَّةٍ، ثُمَّ حَالَ عَنْ ذَلِكَ (٤).


= عن أبي خَالِدٍ الأَحْمر عن داود بن أبي هند عن الشَّعْبي عَنه به، وقَدْ صَحَّحه الحَاكِمُ، وَوَافَقَه الذَّهَبِيُّ.
وهَذِهِ الطُّرق كُلُّها تَشْهَدُ لِصِحَّة الحَدِيثِ المَرْفُوع، واللهُ أَعْلَم.
(١) سورة التوبة، الآية: (٤٣).
(٢) مجمل اللغة لابن فارس (ص: ٤٧٢).
(٣) الحديث ذكره ابن قتيبة في غريب الحديث (٢/ ١٣٥) مُعَلَّقًا، ولم أَقِفْ عَليهِ مُسْنَدًا.
(٤) ينظر: جمهرة الأمثال للعسكري (٢/ ١١٤)، والمستقصى في أمثال العرب للزمخشري (٢/ ١٩٨) ومجمع الأمثال للميداني (٢/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>