مَعْرُوفَانِ بِشَرْعٍ آخَرَ، فَلَا يَكُونُ فِي هَذَا بَيَانٌ شَرْعِيٌّ يُغْنِي عَنْ غَيْرِهِ.
وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا كَانَ مُسْتَطَابَ الأَكْلِ فِي التَّحْلِيلِ، وَمُسْتَخْبَثَ الأَكْلِ فِي التَّحْرِيمِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ إِذْ بَطَلَ مَا سِوَاهُ، لِأَنَّهُمْ يَتَوَصَّلُونَ بِمَا اسْتَطَابُوهُ إِلَى العِلْمِ بِتَحْلِيلِهِ، وَبِمَا اسْتَخْبَثُوهُ إِلَى العِلْمِ بِتَحْرِيمِهِ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا أَصْلًا، وَصَارَ الْمُسْتَطَابُ حَلَالًا، وَالْمُسْتَخْبَثُ حَرَامًا، وَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ العُرْفُ العَامُّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ عُرْفُ جَمِيعِ النَّاسِ فِي جَمِيعِ الأَرْضِ، لِأَنَّهُ خَاطَبَ بِهِ بَعْضَهُمْ فِي بَعْضِ الأَرْضِ، فَاحْتِيجَ إِلَى مَعْرِفَةِ مَنْ خُوطِبَ بِهِ مِنَ النَّاسِ، وَمَعْرِفَةِ مَا أُرِيدَ بِهِ مِنَ البِلَادِ، وَكَانَ أَحَقَّ النَّاسِ بِتَوَجُّهِ الخِطَابِ إِلَيْهِمْ العَرَبُ، لِأَنَّهُمُ السَّائِلُونُ الْمُجَابُونَ، وَأَحَقَّ الْأَرْضِ بِهِ بِلَادُهُمْ، لِأَنَّهَا أَوْطَانُهُمْ، وَقَدْ يَخْتَلِفُونَ فِيمَا يَسْتَطِيبونَ ويَسْتَخْبِثُونَ بِالضَّرُورَةِ وَالاِخْتِيَارِ، فَيَسْتَطِيبُ أَهْلُ الضَّرُورَةِ مَا يَسْتَخْبِثُه أَهْلُ الاِخْتِيَارِ، فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ عُرْفُ أَهْلِ الاِخْتِيَارِ دُونَ أَهْلِ الضَّرُورَةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَ الضَّرُورَةِ عُرْفٌ مَعْهُودٌ، وَهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: بِالغِنَى وَالفَقْرِ، فَيَسْتَطِيبُ الْفَقِيرُ مَا يَسْتَخْبِثُهُ الغَنِيُّ.
وَالثَّانِي: بِالبَدْوِ وَالحَضَرِ، فَيَسْتَطِيبُ البَادِيَةَ مَا يَسْتَخْبثُهُ الحَاضِرَةُ.
وَالثَّالِثُ: بِزَمَانِ الجَدْبِ وَزَمَانِ الخَصْبِ، فَيُسْتَطَابُ فِي زَمَانِ الجَدْبِ مَا يُسْتَخْبَثُ فِي زَمَانِ الخَصْبِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ أَهْلُ الاِخْتِيَارِ مِمَّنْ جَمْعَ الأَوْصَافَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute