للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: مَا وَرَدَ النَّصُّ بِتَحْرِيمِهِ.

وَالثَّالِثُ: مَا كَانَ غُفْلًا، لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ بِتَحْلِيلٍ وَلَا تَحْرِيمٍ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى لَهُ أَصْلًا يُعْرَفُ بِهِ حَلَالُهُ وَحَرَامُهُ فِي كِتَابِهِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ (١)، فَجَعَلَ الطَّيِّبَ حَلَالًا.

وَالآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ (٢)، وَهَذِهِ الآيَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى إِحْلَالِ الطَّيِّبَاتِ وَتَحْرِيمِ الخَبِيثَاتِ، وَهَذَا أَعَمُّ مِنَ الآيَةِ.

قَالَ (٣): وَلَا يَخْلُو مُرَادُهُ بِالطَّيِّبِ وَالخَبِيثِ مِنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ:

إِمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الحَلَالَ وَالحَرَامَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ (٤)، يَعْنِي الحَلَالَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادًا لَهُ، لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عمَّا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ الحَلَالُ: الحَلَالُ، وَالحَرَامُ: الحَرَامُ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِيهِ بَيَانٌ لِلْحَلَالِ وَلَا لِلْحَرَامِ.

وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الطَّاهِرَ وَالنَّجِسَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ (٥)، أَيْ: طَاهِرًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادًا، لأَنَّ الطَّاهِرَ وَالنَّجسَ


(١) سورة المائدة، الآية: (٠٤).
(٢) سورة الأعراف، الآية: (١٥٧).
(٣) الحاوي الكبير للماوردي (١٥/ ١٣٢ - ١٣٣).
(٤) سورة البقرة، الآية: (١٧٢).
(٥) سورة النساء، الآية: (٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>