للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ (١): لَمْ يَخْرُجْ هَذَا مَخْرَجَ اليَمِينِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ كَلِمَةً تَخِفُّ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ في مَبَادِئِ الكَلَامِ.

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ اليَمِينَ بِغَيْرِ اللهِ مَكْرُوهَةٌ فَهِيَ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ الوَفَاءُ بِهَا، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِنْ حَنِثَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ إِنْ حَلَفَ بِمَا يَحْظرُهُ الشَّرْعُ كَقَوْلِهِ: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنَ اللهِ أَوْ كَافِرٌ بِهِ، أَوْ خَارِجٌ مِنْ دِينِ الإِسْلَامِ، أَوْ فَأَنَا يَهُودِيٌّ، لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ، وَلَمْ يَلْزَمْ بِالحَنَثِ فِيهَا كَفَّارَةٌ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢) وَالثَّوْرِيُّ (٣) وَأَحْمَدُ (٤): تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ وَتَلْزَمُهُ الكَفَّارَةُ إِنْ حَنِثَ، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ (٥)، فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ.

وَبِمَا رُوِيَ عَنْ ثَابِتِ بن الضَّحَّاك أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: (مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ؛ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الإِسْلَامِ سَالِمًا) (٦)،


(١) يقارن بما ذكره الماوردي في الحاوي الكبير (١٥/ ٢٦٢).
(٢) مختصر الطحاوي (ص: ٣٠٥)، وفتح القدير لابن الهمام (٥/ ٧٧)، المبسوط للسرخسي (٨/ ١٣٤).
(٣) الحاوي للماوردي (١٥/ ٢٦٣).
(٤) الإنصاف للمرداوي (١١/ ٣١)، منتهى الإرادات للبهوتي (٣/ ٤٤٥ - ٤٤٦)، وكشَّاف القناع (٦/ ٢٤٠).
(٥) سورة المائدة، الآية: (٨٩).
(٦) حديث ثابت بن الضحاك، أخرجه البخاري (١٣٦٣)، (ورقم: ٦٦٥٢)، ومسلم (رقم: ١٧٧) عنه به، لكن لَيْسَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ الأَخِيرَة (فَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الإِسْلَامِ سَالِمًا).
وهذه الزِّيادة في حديث بُريدة بن الحصيبِ عند أحمد في المسند (٥/ ٣٥٥)، وأبي داود (رقم: ٣٢٦٠) والنسائي (رقم: ٣٧٧٢)، وابن ماجه (رقم: ٢١٠٠)، والحاكم في المُسْتدرك=

<<  <  ج: ص:  >  >>