للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجَعَلَهَا يَمِينًا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ (١)، فَدَلَّ عَلَى لُزُومِهَا.

وَلِأَنَّ لُزُومَ اليَمِينِ بِاللَّهِ لِتَوْكِيدِ حُرْمَتِهَا وَحَظْرِ مُخَالَفَتِهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَا عَقَدَهُ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي اللُّزُومِ وَالكَفَّارَةِ، وَلِأَنَّ البَرَاءَةَ مِنَ اللَّهِ أَغْلَظُ إِثْمًا مِنَ الحَلِفِ بِاللهِ، فَلَمَّا انْعَقَدَتِ اليَمِينُ وَلَزِمَ التَّكْفِيرُ فِي أَخَفِّ الْمَأْثَمَيْنِ، كَانَ اللُّزُومُ فِي أَخْبَثِهِمَا أَوْلَى.

وَدَلِيلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) (٢).

وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: (فَقَدْ أَشْرَكَ) (٣)، فَدَلَّ عَلَى سُقُوطِ الكَفَّارَةِ فِي اليَمِينِ بِغَيْرِ الله.

وَأَمَّا الجَوَابُ عَنْ عُمُومِ الآيَةِ فَمَحْمُولٌ عَلَى اليَمِينِ [بِاللَّهِ] (٤)، لِأَنَّهَا اليَمِينُ الْمَقْصُودَةُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ وَالاِسْتِعْمَالِ.


= - وصحَّحه عَلَى شَرْط الشَّيخَيْن - (٤/ ٣٩١)، والبيهقي في الكبرى (١٠/ ٣٠) جميعًا عن حُسَين بن وَاقِدٍ عن عَبْد الله بن بُريدة عن أبيه به مرفوعا.
(١) سورة النحل الآية (٩١).
(٢) لم أقف عليه بهذا اللفظ.
(٣) هذه الرواية: أخرجها أبو داود (رقم: ٣٢٥٣)، والترمذي (رقم: ١٥٣٥)، وأحمد في المسند في مواطن منها (٢/ ٣٤ و ٥٨ و ٦٠ و ٦٩ و ٨٦ و ١٢٥) والطيالسي في مسنده (٢٥٧)، وابن حبان كما في الإحسان (١٠/ ١٩٩) والبيهقي في الكبرى (١٠/ ٢٩) من طرق عن ابن عمر به مرفوعا، قال الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
(٤) ساقطة من المخطوط، والمثبت من الحاوي الكبير للماوردي (١٥/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>