للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مَا كَانَ وُجُوبُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ فِي بَعْضِهِ وَالتَّرْتِيبِ فِي بَعْضِهِ، فَكَفَّارَةُ اليَمِينِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾ (١) الآيَةَ، فَجَعَلَهُ مُخَيَّرًا بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، فَبَدَأَ بِالإطْعَامِ، وَنَصَّ عَلَى عَدَدِ الْمَسَاكِينِ، وَقَالَ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ (٢).

قَالُوا: فَكَانَ ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى الجِنْسِ وَالْقَدْرِ.

فَأَوْسَطُ القَدْرِ فِيمَا يَأْكُلُهُ كُلُّ إِنْسَانٍ [رَطْلَانِ] (٣) مِنْ خُبْزٍ، وَهُوَ أَوْسَطُ الكِفَايَةِ، وَلَمْ يَتَقَدَّرْ بِالنَّصِّ فَكَانَ مُعْتَبَرًا بِالعُرْفِ، وَعُرْفُ مَنِ اعْتَدَلَ أَكْلُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُسْرِفِينَ وَلَا مِنَ الْمُقَصِّرِينَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالْمُدِّ فِي أَكْلِهِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ (٤): وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَا إِلَّا حُرًّا مُسْلِمًا مُحْتَاجًا، وَلَا يُطْعِمُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، وَلَا تُجْزِئُ كَفَّارَةٌ حَتَّى يُقَدِّمَ النِّيَّةَ قَبْلَهَا أَيْ مَعَهَا، وَمَنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ هُوَ وَأَهْلُهُ وَخَادِمٌ أُعْطِيَ مِنَ الكَفَّارَةِ وَالزَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَسْكَنِهِ فَضْلٌ عَنْ حَاجَتِهِ وَأَهْلِهِ لَمْ يُعْطَ.

* وَفِي حَدِيثٍ: (مَنِ اسْتَلَجَّ أَهْلَهُ فِي يَمِينٍ، لِيَبَرَّ، يَعْنِي الكَفَّارَةَ) (٥)، يُرِيدُ: لَيْسَ بِأَعْظَمَ إِثْمًا مِنَ الَّذِي يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَا يُقِيمُ عَلَى مَا كُلِّفَ عَلَيْهِ.


(١) سورة المائدة، الآية (٨٩).
(٢) سورة المائدة، الآية (٨٩).
(٣) بياض في المخطوط، والاستدراك من الحاوي الكبير للماوردي (١٥/ ٣٠٠).
(٤) كتاب الأم للشافعي (٥/ ٦٥) فما بعدها.
(٥) حديث (رقم: ٦٦٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>