للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَوْلُهُ: (لِيَبَرَّ، يَعْنِي الكَفَّارَةَ)، فَلْيَتَحَلَّلْ مِنْ يَمِينِهِ، أَيْ: إِقَامَتُهُ عَلَى الْيَمِينِ آثَمُ لَهُ مِنَ التَّكْفِيرِ.

قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ (١): لَا تَخْلُو اليَمِينُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ عَقْدُهَا طَاعَةً وَحَلُّهَا مَعْصِيَّةً، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا قَتَلْتُ نَفْسًا وَلَا شَرِبْتُ خَمْرًا، فَإِذَا حَنِثَ فَقَتَلَ النَّفْسَ وَشَرِبَ الخَمْرَ يَأْتِي بِالكَفَّارَةِ لِتَكْفِيرِ مَأْثَمِ الحِنْثِ دُونَ العَقْدِ.

وَالحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ عَقْدُهَا مَعْصِيَّةً، وَحَلُّهَا طَاعَةٌ، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا صُمْتُ وَلَا صَلَّيْتُ، فَإِذَا حَنَثَ كَانَتِ الكَفَّارَةُ لِتَكْفِيرِ مَأْثَمِ الحِنْثِ.

وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ عَقْدُهَا مُبَاحًا وَحَلُّهَا مُبَاحًا، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا لَبِسْتُ هَذَا، وَلَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ، فَالكَفَّارَةُ تَتَعَلَّقُ بِهِمَا، وَقِيلَ: بِالحِنْثِ أَخْلَقُ.

وَحَدِيثُ (فَأُتِيَ بِثَلَاثِ ذَوْدٍ غُرِّ الدُّرَى) (٢).

(الغُرُّ): جَمْعُ الأَغَرِّ، وَهُوَ الْأَبْيَضُ.

وَ (الذُّرَى) جَمْعُ: ذُرْوَةِ، وَهِيَ أَعْلَى السَّنَامِ، يُرِيدُ بَيَاضَ ذَلِكَ مِنَ الشَّحْمِ وَالسِّمَنِ.

وَقَوْلُهُ: (أَسْتَحْمِلُهُ) أَيْ: أَسْأَلُهُ أَنْ يَحْمِلَنَا عَلَى الإِبِلِ.


(١) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (١٥/ ٢٥٣ - ٢٥٤)، وبحر المذهب للروياني (١٠/ ٣٥٩).
(٢) حديث (رقم: ٦٧١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>