للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفْسِيرِ كَلَامِهِ مُوَقِّعٌ عَنْهُ ، فَالخَطَأُ فِيهِ لَيْسَ بِالْأَمْرِ الهَيِّنِ، وَلِذَلِكَ فَحَاجَةُ النَّاسِ إِلَيْهِ فَوْقَ كُلِّ حَاجَةٍ! يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (ت: ٧٢٨ هـ) :

"يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى شَيْئَيْنِ: مَعْرِفَةِ مَا أَرَادَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِأَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بِأَنْ يَعْرِفُوا لُغَةَ القُرْآنِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا، وَمَا قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَسَائِرُ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ فِي مَعَانِي تِلْكَ الأَلْفَاظِ، وَهَذَا أَصْلُ العِلْمِ وَالإِيمَانِ وَالسَّعَادَةِ وَالنَّجَاةِ.

ثُمَّ مَعْرِفَةِ مَا قَالَهُ النَّاسُ فِي هَذَا البَابِ، لِتُنْظَرَ الْمَعَانِي الْمُوَافِقَةُ لِلرَّسُولِ فَتُقْبَلَ، وَالمُخَالِفَةُ فَتْرَدَّ، فَيُجْعَلُ كَلَامُ اللهِ وَرَسُولِهِ وَمَعَانِيهِمَا هِيَ الْأَصْلُ، وَمَا سِوَاهُمَا يُرَدُّ إِلَيْهِمَا" (١).

وَمِنْ هُنَا تَتَابَعَتْ أَقْوَالُ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ عَلَى تَأْكِيدِ هَذَا الْمَعْنَى، وَتَوَارَدَتْ عَلَى بَيَانِ الحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَكَانُوا يَتَوَاصَوْنَ بَيْنَهُمْ بِضَرُورَةِ الاِشْتِغَالِ بِهِ، وَتَحْصِيلِهِ، وَتَكْمِيلِهِ، حِفْظًا لِلسُّنَّةِ الغَرَّاءِ، وَصَوْنًا لِلْمَحَجَّةِ البَيْضَاءِ.

فَقَدْ أَسْنَدَ الحَاكِمُ عَنِ الإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ (ت: ٢٥٧ هـ) قَالَ: "كُنَّا فِي مَجْلِس سُفْيَانَ بْن عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: يَا أَصْحَابَ الحَدِيثِ، تَعَلَّمُوا فِقْهَ الحَدِيثِ حَتَّى لَا يَقْهَرَكُمْ أَصْحَابُ الرَّأْيِ" (٢).

بَلْ إِنَّ الأَئِمَّةَ نَصُّوا عَلَى أَنَّ التَّفَقُّهَ فِي مَعَانِي الحَدِيثِ خَيْرٌ مِنَ الاشْتِغَالِ


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٧/ ٣٥٣ - ٣٥٥).
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>