للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذِ الْتَزمَا إِخْرَاجَ الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَرَاوِي الصَّحِيحِ يَكُونُ عَدْلًا ضَابِطًا، وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو الحَسَنِ المَقْدِسِيُّ فِي الرَّجُلِ يُخَرَّجُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ: "هَذَا جَازَ القَنْطَرَةَ" (١).

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ العِيدُ: "يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا قِيلَ فِيهِ، وَهَكَذَا نَعْتَقِدُ، وَبِهِ نَقُولُ، وَلَا نَخْرُجُ عَنْهُ إِلَّا بِبَيَانٍ شَافٍ، وَحُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ تَزِيدُ فِي غَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى المَعْنَى الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنِ اتَّفَاقِ النَّاسِ بَعْدَ الشَّيْخَيْنِ عَلَى تَسْمِيَةِ كِتَابَيْهِمَا بِالصَّحِيحَيْنِ، وَمِنْ لَوَازِمٍ ذَلِكَ تَعْدِيلُ رُوَاتِهِمَا" (٢).

نَعَمْ، كَانَ البُخَارِيُّ يَنْتَقِي مَا يُخَرَّجُ لَهُ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ طَرْحُ حَدِيثِهِ بِالكُلِّيَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْبَاجِيُّ: "مُعْظَمُ مَا أَخْرَجَ عَنْهُ عَنِ اللَّيْثِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ أَهْلُ الحَدِيثِ فِي سَمَاعِهِ الْمُوَطَّأَ مِنْ مَالِكٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَمِعَ بِقِرَاءَةِ حَبِيبٍ كَاتِبِ مَالِكٍ وَهُوَ ثَبْتٌ فِي اللَّيْثِ" (٣).

وَهَذَا الَّذِي قَرَّرَهُ البَاجِيُّ هُنَا تَبِعَهُ عَلَيْهِ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي هُدَى السَّارِي، فَقَالَ : "وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الصَّغِيرِ: مَا رَوَى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَهْلِ الحِجَازِ فِي التَّارِيخِ فَإِنِّي أَتَّقِيهِ، قُلْتُ - أَيْ ابْنُ حَجَرٍ -: فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ يَنْتَقِي حَدِيثَ شُيُوخِهِ، وَلِهَذَا مَا أَخْرَجَ عَنْهُ عَنْ مَالِكٍ سِوَى خَمْسَةِ أَحَادِيثَ


(١) الاقتراح في بيان الاصطلاح لابن دَقِيقِ العيد (ص: (٥٥)، وهُدَى السَّاري لابن حجر (١/ ٣٨٤)، وفتح الباري له (١٣/ ٤٥٧).
(٢) الاقتراح في بيان الاصطلاح (ص: ٥٥).
(٣) التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الصحيح (٣/ ١٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>