للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا القَلِيلَ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ عَنِ اللَّيْثِ، قَالُوا: لِأَنَّ سَمَاعَهُ كَانَ بِقِرَاءَة حَبِيبٍ، وَقَدْ أَنْكَرَ هُوَ ذَلِكَ" (١).

وَقَالَ فِي مَوْطِنٍ: "وَهَذِهِ الحِكَايَةُ بَاطِلَةُ الأَصْلِ وَاللهُ أَعْلَمُ، لأَنَّ مَالِكًا وَمَنْ حَضَرَهُ لَمْ يَصِحَ جَوَازُ مِثْلُ هَذَا عَلَيْهِمْ لِحِفْظِهِمْ حَدِيثَ الْمُوَطأ، وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ الجِلَّةُ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ عَرْضَتُنَا عَلَى مَالِكٍ وَرَقَتَيْنِ مِنَ الْمُوَطَّأِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا؟ " (٢).

وَرَدَّ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ تَضْعِيفَ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ وَالنَّسَائِي لابْنِ بُكَيْرٍ، وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّشَدُّدِ الَّذِي مَيَّزَ نَفَسَ هَذَيْنِ الإِمَامَيْنِ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ خَاصَّةً إِذَا عُورِضَ بِمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، قَالَ : "قَدْ عُلِمَ تَعَنُّتُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الرِّجَالِ، وَإِلَّا فَالشَّيْخَانِ قَدِ احْتَجَّا بِهِ؛ نَعَمْ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: "ضَعِيفٌ"، وَأَسْرَفَ، بِحَيْثُ إِنَّهُ قَالَ فِي وَقْتٍ آخَرَ: "لَيْسَ بِثِقَةٍ"، وَأَيْنَ مِثْلُ ابْنِ بُكَيْرٍ فِي إِمَامَتِهِ، وَبَصَرِهِ بِالْفَتْوَى، وَغَزَارَةِ عِلْمِهِ؟! " (٣).

وَقَالَ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ: "وَلَمْ يَقْبَلِ النَّاسُ مِنَ النَّسَائِيَّ إِطْلَاقَ هَذِهِ العِبَارَة فِي هَذَا، وَلَا الَّذِي قَبْلَهُ، كَمَا لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ ذَلِكَ فِي أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيِّ" (٤).

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّاوِي إِذَا احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ يَكْتَسِبُ بِذَلِكَ التَّوْثِيقَ الضِّمْنِيَّ،


(١) الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع (ص: ٧٧ - ٧٨).
(٢) ترتيب المدارك للقاضي عياض (٣/ ٣٧٠).
(٣) تذكرة الحفاظ (٢/ ٤٢٠).
(٤) تاريخ الإسلام (٥/ ٩٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>