للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رَوَى البُخَارِيُّ هَذَا الحَدِيثَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ، فَلِمَ قَدَّمَ هَذَا الطَّرَفَ وَصَدَّرَ بِهِ كِتَابَهُ؟ قُلْنَا: لِرِوايَتِهِ إِيَّاهُ عَنِ الإِمَامِ الكَبِيرِ الْمُقَدَّمِ عَبْدِ اللهِ بن الزُّبَيْرِ الحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ (١).

(النِّيَّاتُ): جَمْعِ نِيَّةٍ، وَهِيَ هَا هُنَا: وِجْهَةُ القَلْبِ (٢)، وَالنِّيَّةُ: كُلُّ وِجْهَةٍ يُقْصَدُ إِلَيْهَا، وَمِنْهُ النَّوَى؛ لِأَنَّهُ مَا نَوَيْتَ مِنْ قُرْبٍ وَبُعْدٍ، وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي تَنْوِي المَصِيرَ إِلَيْهِ، أَيْ: تَقْصِدُ.

وَمَعْنَى اللَّفْظَةِ: أَنَّ العَمَلَ إِنَّمَا يَكْمُلُ عَمَلًا، وَيُرْجَى فِيهِ القَبُولُ إِذَا وَجَّهْتَ قَلْبَكَ إِلَيْهِ، وَقَصَدْتَ بِهِ التَقَرُّبَ إِلَى اللهِ .

وَالعِبَادَةُ وَالخُضُوعُ [إِنَّمَا] (٣) تَحْصُلُ [الرَّجُلِ] مِنَ الْأَعْمَالِ عَلَى مَا يَنْوِيهِ وَيَتَعَاطَاهُ، وَعَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ عَلَى مَا قَالَ: (وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى).

وَقَدْ بَنَى الشَّافِعِيُّ (٤) مَذْهَبَهُ فِي اعْتِبَارِ النِّيَّةِ فِي الوُضُوءِ وَالغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ وَ [ … ] (٥) الاعْتِدَادِ [ … ] (٦) بِهِمَا، وَالنِّيَّةُ أَبْلَغُ مِنَ العَمَلِ،


(١) نقل هذه العبارة هنا الكِرمَانيُّ في الكَواكِب الدَّراري (١/ ٢١)، وَنَسَبَها إلى ابن التَّيْمي .
(٢) نقل هذه العبارة عن أبي عبد الله التّيمي بدر الدين العيني في عمدة القاري (١/ ٢٣)، وقَبْله الكِرْمانيُّ في الكواكب الدراري (١/ ١٨).
(٣) في المخْطُوطِ كَلِمَةٌ مَطْمُوسَة، والمثْبَت أَوْفَق للسِّيَاق.
(٤) قال في الأم: (١/ ٤٤): "ولَا يُجْزِئ الوُضُوءُ إِلَّا بِنِيَّة"، وقال أيضا فيه (١/ ٥٨): "ولا يَطهرُ بالغُسلِ في شيءٍ مِمَّا وُصِف إِلَّا أَنْ يَنْوِي بِالْغُسْلِ الطَّهارَة، وكذلِكَ الوُضوءُ لَا يُجزئُهُ إِلَّا أَنْ يَنوِيَ به الطَّهَارَةَ".
(٥) بياضٌ في المخْطُوط.
(٦) بياضٌ في المخْطُوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>