للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: أَمَّا الحَدِيثُ الأَوَّلُ فَلِأَنَّ الهَامَّ بِالحَسَنَةِ إِذَا لَمْ يَعْمَلْ خِلَافَ العَامِلِ [لِأَنَّ] (١) الهَامَّ لَمْ يَعْمَلْ، وَالعَامِلَ لَمْ يَعْمَلْ حَتَّى هَمَّ، ثُمَّ عَمِلَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: (نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ)، فَلِأَنَّ تَخْلِيدَ اللهِ العَبْدَ [فِي الجَنَّةِ] (٢) لَيْسَ لِعَمَلِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِنيَّتِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِعَمَلِهِ لَكَانَ خُلُودُهُ فِيهَا بِقَدْرِ مُدَّةِ عَمَلِهِ، أَوْ ضِعْفِهِ، أَوْ أَضْعَافِهِ، إِلَّا أَنَّهُ جَازَاهُ بِنِيَّتِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ نَاوِيًا أَنْ يُطِيعَ الله أَبَدًا لَوْ بَقِيَ أَبَدًا، فَلَو اخْتَرمَتْهُ مَنِيَّتُهُ دُونَ نِيَّتِهِ جَازَاهُ عَلَيْهَا.

وَكَذَا الكَافِرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُجَازَى بِعَمَلِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ التَّخْلِيدَ فِي النَّارِ إِلَّا بِقَدْرِ مُدَّةِ كُفْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ نَوَى أَنْ يُقِيمَ عَلَى كُفْرِهِ أَبَدًا، فَجَازَاهُ عَلَى نِيَّتِهِ.

وَقَدْ رُفِعَ عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِفُقْدَانِ النِّيَّةِ فِيهَا.

وَالعَرَبُ تَقُولُ: هَذَا امْرُؤٌ، وَهَذَانِ امْرُآنِ، وَلَا تَجْمَعُ إِلَّا قَوْمًا وَرِجَالًا، جَاءَ جَمْعُهُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هَذَا مَرْءٌ، وَهَذَانِ مَرْآنِ، وَالجَمْعُ عَلَى مَا سَبَقَ.


= والقُضَاعِي في مسند الشهاب (١/ ١١٩)، وأبو طاهر السِّلَفي في الطيوريات رقم: (٦٦٥) كلُّهُم من طُرُقٍ عن يُوسُف بن عَطِيَّة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك يرفعه.
وإسنادُه ضَعيفٌ جدا، يُوسُف بنُ عَطِيَّة متروكٌ كما قال الحافظ في التقريب.
ولِذَلِك ضعَّفَه البَيْهَقيُّ في الموْطِن السَّابق، والحافِظُ ابن حَجَرٍ في فتح الباري (٤/ ٢١٩).
(١) بياضٌ في المخْطُوط، والاسْتِدراكُ مِنَ الكَوَاكِب الدَّراري (١/ ٢١)، فَقَد نَقَل هَذِهِ العِبَارَة، وَعَزَاها لابن التَّيْمي.
(٢) كلمة مطموسة، والمثبتُ يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقِ الكَلَام.

<<  <  ج: ص:  >  >>