للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّارُ، وَبَكَتِ الدَّارُ، قَالَ ابن مُقْبِلٍ (١): [مِنَ الْمُتَقَارِبِ]

لَعَمْرُ أَبِيكِ لَقَدْ شَاقَنِي … مَكَانٌ حَزِنْتُ لَهُ أَوْ حَزِنْ

وَقَالَ مُزَاحِمٌ العُقَيْلِيُّ (٢): [مِنَ الطَّوِيلِ]

بَكَتْ دَارُهُمْ مِنْ نَأْيِهِمْ فَتَهَلَّلَتْ … دُمُوعِي فَأَيُّ الجَازِعِينَ أَلُومُ

وَلَوْ أَتَيْنَا بِكُلِّ مَا وَرَدَ عَنِ العَرَبِ فِي هَذَا لَكَثُرَ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنَ التَّحْقِيقِ، وَأَقْرَبُهَا إِلَى الصَّوَابِ، وَأَلْصَفُهَا بِالقُلُوبِ مَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ مِنَ الأَئِمَّةِ [ … ] (٣).

وَاخْتَارَ ابن الأَنْبَارِي أَنَّ الله لَا يَقْطَعُ عَنْكُمْ فَضْلَهُ حَتَّى تَمَلُّوا مِنْ سُؤَالِهِ، فَسَمَّى فِعْلَ اللهِ ﷿ مَلَلًا؛ وَلَيْسَ بِمَلَلٍ فِي التَّأْوِيلِ عَلَى جِهَةِ الازْدِوَاجِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ إِحْدَى اللَّفْظَتَينِ مُوافِقَةً لِلَّفْظَةِ الأُخْرَى وَإِنْ خَالَفَتْ مَعْنَاهَا كَمَا قَالَ اللهُ ﷿: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ (٤) مَعْنَاهُ: فَجَازِهِ عَلَى اعْتِدَائِهِ، فَسَمَّاهُ اعْتِدَاءً وَهُوَ عَدْلٌ، لِتَزْدَوِجَ اللَّفْظَةُ الثَّانِيَةُ مَعَ الأُولَى.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ ﷿: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ (٥)، وَالسَّيِّئَةُ الثَّانِيَةُ لَيْسَتْ بِسَيِّئَةٍ فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّهَا جَزَاءٌ، وَالْمُجَازِي بِمِثْلِ الفِعْلِ لَيْسَ بِظَالِمٍ وَلَا مُسِيءٍ، فَسَمَّاهَا سَيِّئَةً لِمَا ذَكَرْنَا.


(١) ديوانُه (ص: ٢٩٥).
(٢) شعر مُزَاحِم العُقَيلي (ص: ١٢٤).
(٣) في المخطُوط خَرْمٌ بمقْدَار كَلِمَة.
(٤) سورة البقرة آية رقم: (١٩٤).
(٥) سورة الشورى، آية رقم: (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>