للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرَ الخَطَّابِيُّ (١) هَذَا الوَجْهَ، وَهُوَ صَالِحٌ.

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ (٢): أَنَّ الله لَا يَغْضَبُ عَلَيْكُمْ، وَيَطْرَحَكُمْ حَتَّى تَتْرُكُوا العَمَلَ لَهُ، وَتَزْهَدُوا فِي سُؤَالِهِ وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ، فَسَمَّى الفِعْلَيْنِ مَلَلًا، وَلَيْسَا فِي الحَقِيقَةِ بِمَلَلٍ، عَلَى مَذْهَبِ العَرَبِ فِي وَضْعِ الفِعْلِ مَوْضِعَ الفِعْلِ إِذَا وَافَقَ مَعْنَاهُ مِنْ وَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الصَّلَتَان يَرْثِي الْمُغِيرَةَ مِنَ الْمُهَلَّبِ (٣):

[مِنَ الكَامِل]

سَبَقَتْ يَدَاكَ لَهُ بِعَاجِلِ طَعْنَةٍ … سَفِهَتْ لِمَنْقَذِهَا أُصُولُ جَوَانِحِ

فَسَمَّى نُفُوذَ الطَّعْنَةِ سَفَهًا، وَلَيْسَ بِسَفَهٍ فِي الحَقِيقَةِ، وَقَوْلُ عَدِيِّ بن زَيْدٍ (٤):

[مِنَ الرَّمَلِ]

ثُمَّ أَضْحَوا لَعِبَ الدَّهْرُ بِهِمْ … وَكَذَاكَ الدَّهْرُ يُودِي بِالرِّجَالُ

فَجَعَلَ إِهْلَاكَهُ إِيَّاهُمْ لَعِبًا، وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ (٥): [مِنَ الطَّوِيلِ]

وَأَبْيَضَ مَوْشِيِّ القَمِيصِ عَصَبْتُهُ … عَلَى ظَهْرِ مِقْلَاتٍ سَفِيهٍ جَدِيلُهَا

أَرَادَ: مُتَحَرِّكٍ جَدِيلُهَا، فَجَعَلَ كَثرَةَ حَرَكَتِهَا سَفَهًا، وَمِثْلُهُ كَمَا يُقَالُ: حَزَنَتِ


(١) أعلام الحديث للخطابي (١/ ١٧٣ - ١٧٤).
(٢) ينظر: كتاب الغريبين للهروي (٦/ ١٧٧٧ - ١٧٧٨).
(٣) نَسَبَه لَهُ ابن الأنْبَاري في الزاهر في معاني كلمات الناس (١/ ٣٩٤).
(٤) في المخْطُوط: (عَدي بن يَزيد)، وهُو خَطأ، وهذا البَيْتُ لَيْسَ في دِيوَانِه المطْبُوع، وهُو مِمَّا يُسْتَدْرَك عليه، وقَدْ نَسَبه له ابن الأَنْباري في الزاهر في معاني كلمات الناس (٢/ ٢٨٧)، وأبو عُبَيدٍ الهَرَوي في الغريبين (٦/ ١٧٧٨).
(٥) ديوانه (ص: ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>