للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانَ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوحِ، شَرْحُ الإِمَامِ قِوَامِ السُّنَّةِ أَبِي القَاسِمِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الفَضْلِ التَّيْمِيِّ الأَصْبَهَانِيِّ (ت: ٥٣٥ هـ) ، وَالَّذِي صَارَ أَحَدَ مَوَارِدِ العُلَمَاءِ البَارِزِينَ مِمَّنْ جَاؤُوا بَعْدَهُ كَالكِرْمَانِيِّ، وَابْنِ حَجَرٍ، وَالعَيْنِيِّ، وَغَيْرِهِمْ .

وَذَلِكَ إِقْرَارٌ مِنْهُمْ بِقِيمَةِ هَذَا الكِتَابِ العَظِيمِ، وَتَنْوِيهٌ بِمَنْهَجٍ مُؤَلِّفِهِ فِيهِ، وَالَّذِي سَارَ عَلَى طَرِيقَةِ المُحَقِّقِينَ مِنَ العُلَمَاءِ، الَّذِينَ لَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى أَقْوَالِ مَذَاهِبِهِمْ فِي تَحْقِيقِ المَسَائِلِ، بَلْ تَوَسَّعَ فِي ذَلِكَ كَثِيرًا، حَتَّى شَمِل جُلَّ المَذَاهِبِ الفِقْهِيَّةِ ذِكْرًا، وَأَقْوَالَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إِيرَادًا وَخُبْرًا، مَعَ بَيَانِ أَدِلَّةِ كُلٍّ، وَمُنَاقَشَتِهَا عَلَى طَرِيقِ أَهْلِ الصَّنْعَةِ وَالتَّحْقِيقِ، مُسْتَرْشِدًا بِقَوَاعِدِ أَهْلِ الأُصُولِ وَالتَّدْقِيقِ، فَرَدَّ المَسَائِلَ إِلَى أُصُولِهَا، وَأَلْحَقَ الأَشْبَاه بِنَظَائِرِهَا، حَتَّى لَكَأَنَّكَ أَمَامَ كِتَابِ فِقْهٍ مُقَارَنٍ.

وَإِذَا انْتَقَلَ إِلَى شَرْحِ غَرِيبِ الحَدِيثِ، وَتَفْسِيرِ غَامِضِهِ وَمُعْضَلِهِ تَجِدُهُ يَسْتَطْرِدُ فِيهِ، وَيُنَكِّتُ عَلَيْهِ بِالنُّكَتِ اللُّغَوِيَّةِ، وَالَّتِي ضَرَبَ فِيهَا بِسَهُمٍ وَافِرٍ، وَأَخَذَ مِنْهَا بِحَظٍّ فَاخِرٍ، فَتَرَاهُ مُسْتَوْعِبًا كَلَامَ مُتَقَدِّمِيهِ مِنَ العُلَمَاءِ، ثُمَّ يُدْلِي بِدَلْوِهِ بِمَا يُوَافِقُ حِسَّ العَالِمِ الأَلْمَعِيِّ، وَالأَدِيبِ اللَّوْذَعِيِّ.

وَلَا تَخْفَى مَكَانَةُ الإِمَامِ قِوَامِ السُّنَّةِ التَّيْمِيِّ فِي الحَدِيثِ وَعُلُومِهِ، فَهُوَ مَعْدُودٌ فِي طَبَقَةِ كِبَارِ المُحَدِّثِينَ، وَالنَّقَدَةِ الْمُتقِنِينَ، وَقَدْ ظَهَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ هَذَا؛ فَضَمَّنَهُ كَثِيرًا مِنَ القَوَاعِدِ الحَدِيثِيَّةِ، وَاللَّطَائِفِ الإِسْنَادِيَّةِ بِمَا يَشْهَدُ لِعُلُوِّ كَعْبِهِ، وَرُسُوخِ قَدَمِهِ.

وَهَكَذَا فَقَدْ جَاءَ شَرْحُهُ هَذَا غَنِيًّا وَمُتَنَوِّعًا فِي مَادَّتِهِ العِلْمِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>