للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالمَسَائِلِ الخِلَافِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَامَ بَيَانَ إِعْرَابِهِ وَتَوْضِيحَ مُشْكِلَاتِهِ، وَعَكَفَ آخَرُونَ عَلَى ضَبْطِ أَسْمَاءِ رُوَاتِهِ وَتَمْيِيزِ أَلْقَابِ رِجَالِهِ، وَانْبَرَتْ طَائِفَةٌ لِشَرْحِ مُعْضِلَاتِ تَرَاجِمِ أَبْوَابِهِ، وَاسْتِجْلَاءِ مَقَاصِدِهَا، وَبَيَانِ أَوْجُهِ مُنَاسَبَتِهَا لِمَا يُسَاقُ تَحْتَهَا مِنَ الأَحَادِيثِ، وَوَفَّقَ اللهُ بَعْضَهُمْ فَضَرَبَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِسَهُمٍ وَافِرٍ، وَذَاكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَلَا يُعْرَفُ كِتَابٌ مِنَ الكُتُبِ الَّتِي أَلَّفَهَا العُلَمَاءُ اهْتَبَلَ بِهِ الدَّارِسُونَ، وَوَقَفُوا جُهُودَهُمْ عَلَيْهِ، وَنَهَضُوا بِهِ مِثْلَمَا فَعَلُوا بِالجَامِعِ الصَّحِيحِ لِلْإِمَامِ البُخَارِيِّ (١).

وَلَئِنْ يَسَّرَ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الأَزْمِنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ الوُقُوفَ عَلَى بَعْضٍ هَذِهِ الْمُصَنَّفَاتِ بَعْدَ الطَّفْرَةِ الَّتِي عَرَفَتْهَا وَسَائِلُ الطِّبَاعَةِ، وَتَعَدُّدِ دُورِ النَّشْرِ، وَعُكُوفِ كَثِيرٍ مِنَ الدَّارِسِينَ وَالمُهْتَمِّينَ بِالتُّرَاثِ الإِسْلَامِيِّ عَلَيْهَا تَحْقِيقًا وَتَعْرِيفًا وَإِحْيَاءً وَإِخْرَاجًا، فَلَا تَزَالُ كَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الكُتُبِ مَحْجُوبَةً عَنِ الْأَنْظَارِ، تَتَغَذَّى عَلَيْهَا الأَرَضَةُ وَتَتَآكَلُ مَعَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ، وَهِيَ دَفِينَةٌ بَيْنَ الرُّفُوفِ فِي مُخْتَلَفِ خَزَائِنِ المَخْطُوطَاتِ فِي شَتَّى أَنْحَاءِ العَالَمِ، مِمَّا يَسْتَدْعِي ضَرُورَةُ الاهْتِمَامِ بِهَا، وَالتَّوَجُّهَ إِلَيْهَا وَالتَّنْقِيبَ عَنْهَا، وَالكَشْفَ عَنْ مَوَاطِنِ حِفْظِهَا وَجَمْعَ نُسَخِهَا، وَإِخْرَاجَ مَكْنُونَاتِهَا، ثُمَّ العَمَلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تَحْقِيقِهَا تَحْقِيقًا عِلْمِيًّا يَتَنَاسَبُ مَعَ قِيمَتِهَا العِلْمِيَّةِ، وَهَذِهِ المُهِمَّةُ النَّبِيلَةُ يَنْبَغِي أَنْ تَضْطَلِعَ بِهَا المُؤَسَّسَاتُ الحُكُومِيَّةُ، وَالجَامِعَاتُ وَالمَعَاهِدُ وَالكُلِّيَّاتُ الدَّينِيَّةُ، وَتُولِيهِ مَزِيدَ عِنَايَةٍ، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ "هَذَا الأَمْرُ ضَرِيبَةً عِلْمِيَّةً لَا بُدَّ مِنْ أَدَائِهَا" (٢).


(١) لمعرفة جُهُود العُلمَاء عَلى الجَامِع الصَّحيح للإمَام البُخَاري يرجع إلى: "إتحافُ القَارِي بمعْرِفَة جُهُود وأَعْمَالَ العُلَمَاء عَلَى صَحِيح البُخَاري" لمحمد عصام عرار.
(٢) تحقيقُ النُّصُوص ونشرُها للأُستاذ عبد السَّلام هارون: (ص: ٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>