للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالُوا: وَلِأَنَّ الصَّوْمَ قَدْ حَلَّ لَهَا بِانْقِطَاعِ دَمِهَا، فَوَجَبَ أَنْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا قَبْلَ الغُسْلِ، كَمَا إِذَا كَانَتْ جُنُبًا يَجُوزُ مُجَامَعَتُهَا قَبْلَ الغُسْلِ.

وَلِأَنَّهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ لَا تَخْلُو: إِمَّا أَنْ تَكُونَ طَاهِرًا أَوْ حَائِضًا:

فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا: فَالغُسْلُ سَاقِطٌ عَنْهَا، وَفِي اتِّفَاقِهِمْ أَنَّ الغُسْلَ وَاجِبٌ بانْقِطَاعِ الدَّمِ دَلِيلٌ أَنَّهَا قَدْ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا، وَالطَّاهِرُ يَجُوزُ وَطُؤهَا.

وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ (١) إِبَاحَةٌ ثَانِيَةٌ، وَابْتِدَاءُ كَلَامٍ غَيْرِ (٢) الأَوَّلِ، لِأَنَّ الطَّهْرَ شَيْءٌ، وَالتَّطْهِيرَ غَيْرُهُ.

وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ دَلَالَةٌ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي زَوْجَتَهُ بَعْدَ أَنْ تَتَنَظَّفَ بِالمَاءِ أَحْمَدُ عِنْدَ اللهِ، كَمَنْ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا كَانَ أَحْمَدَ مِمَّنْ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً.

وَالحُجَّةُ لِلشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ (٣)، فَأَضَافَ العَمَلَ وَالفِعْلَ إِلَيْهِنَّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إِلَى انْقِطَاعِ الدَّمِ، لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهَا فِي قَطْعِهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ التَّطَهُّرَ بِالمَاءِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ: ﴿وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾، وَالثَّنَاءُ لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى فِعْلٍ يَقَعُ مِنْ جِهَتَيْنِ، فَتَقْدِيرُ الآيَةِ: فَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ وَيَتَطَهَّرْنَ.


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٢٢).
(٢) تكَرَّر في هذا الموْطِن في المخْطُوط كَلِمَة: (غير).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>