للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ (١).

وَكَانَ ابْنُ [مَسْعُودٍ] (٢) وَعُمَرُ مِنْ رَأيهِمَا أَنَّ الْمُلَامَسَةَ فِي الآيَةِ هِيَ مَا دُونَ الجِمَاعِ، وَكَانَ التَّيَمُّمُ فِي الآيَةِ بِعَقِيبِ الْمُلَامَسَةِ، فَمَنَعَا مِنْ جَوَازِ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ، وَرَأَيَا أَنَّ التَّيَمُّمَ إِنَّمَا جُعِلَ بَدَلًا مِنَ الوُضُوءِ، وَلَمْ يُجْعَلْ بَدَلًا مِنَ الغُسْلِ.

وَقِيلِ: إِنَّمَا لَمْ يَقْنَعْ عُمَرُ بِقَوْلِ عَمَّارٍ لِأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ فِي تِلْكَ الغَزْوَةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ القِصَّةَ وَأُنْسِيَهَا، فَارْتَابَ فِي ذَلِكَ.

وَأَمَّا مُحَاجَّةُ أَبِي مُوسَى ابْنَ مَسْعُودٍ بِالآيَةِ، فَلَمْ يَدْفَعَهُ ابن مَسْعُودٍ عَنْ ذَلِكَ، وَلَا قَدَرَ أَنْ يُخَالِفَهُ فِي تَأْوِيلِهِ، فَنَحَا إِلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ لَوْ رَخَّصَ لَهُمْ فِي هَذَا كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِ الْمَاءُ تَيَمَّمَ.

قَالَ بَعْضُهُمْ (٣): صَارَ فُقَهَاءُ الأَمْصَارِ إِلَى حَدِيثِ عَمَّارٍ، وَعِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ، وَفِي قَوْلِ أَبِي مُوسَى لابنِ مَسْعُودٍ : (فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ؟) انْتِقَالٌ فِي الحِجَاجِ مِمَّا فِيهِ الخِلَافُ إِلَى مَا عَلَيْهِ الْاتِّفَاقُ، وَذَلِكَ جَائِزٌ لِلْمُنَاظَرَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الخَلِيلَ لَمَّا قَالَ لَهُ نَمْرُودٌ: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ، لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يُوقِفَهُ عَلَى كَيْفِيَّةِ إِحْيَائِهِ وَإِمَاتَتِهِ، بَلْ انْتَقَلَ إِلَى مَا قَطَع بِهِ مِنَ


(١) حَكَى الإجماعَ في المسْأَلَةِ التِّرمذيُّ كما في جامعه (١/ ٢١١)، وابن حزم (١/ ٣٦٨)، في المحلى وابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٣٠٣)، وابن هُبَيرة في الإفصاح (١/ ٤٦).
(٢) زيادة من شرح ابن بطال (١/ ٤٩١) لا بد منها.
(٣) في المخطوط: (بعض)، والمثبَتُ يقتضِيهِ السِّياق.
وينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (١/ ٤٩٢)، فقد ذكر هذَا القول ونسَبه إلى المهلَّب ابن أبي صُفرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>