وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ. قَالَا: فَإِنْ أَرَادَ الْقَاضِي بِالْحَصْرِ الِاقْتِصَارَ فَقَدْ أَصَابَ، وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ. وَتَابَعَهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ فِي إنْكَارِ إفَادَتِهَا الْحَصْرَ، وَقَالَ: إنَّهُ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ عَجِيبٌ، فَقَدْ حَكَاهُ ابْنُ السَّيِّدِ فِي الِاقْتِضَابِ " عَنْ الْكُوفِيِّينَ. فَقَالَ: وَذَكَر الْكُوفِيُّونَ أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى النَّفْيِ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
. وَإِنَّمَا ... يُدَافِعُ عَنْ أَحْسَابِهِمْ أَنَا أَوْ مِثْلِي
وَمَعْنَاهُ مَا يُدَافِعُ إلَّا أَنَا أَوْ مِثْلِي هَذَا كَلَامُهُ. وَفِي الزَّاهِرِ " لِلْأَزْهَرِيِّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهَا تَقْتَضِي إيجَابَ شَيْءٍ وَنَفْيَ غَيْرِهِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ ": قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ: وَاَلَّذِي أَخْتَارُهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} [البقرة: ١٧٣] أَنْ تَكُونَ " مَا " هِيَ الَّتِي تَمْنَعُ " إنَّ " مِنْ الْعَمَلِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إلَّا الْمَيْتَةَ؛ لِأَنَّ " إنَّمَا " تَأْتِي لِإِثْبَاتِ مَا بَعْدَهَا وَنَفْيِ مَا عَدَاهُ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ فِي الشِّيرَازِيَّاتِ " يَقُولُ نَاسٌ مِنْ النَّحْوِيِّينَ {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} [الأعراف: ٣٣] الْمَعْنَى: مَا حَرَّمَ إلَّا الْفَوَاحِشَ، قَالَ: وَأُجِيبَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ.
وَعَزَاهُ ابْنُ السَّيِّدِ لِلْكُوفِيِّينَ، وَلَمْ يَعْنُوا بِذَلِكَ أَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمُتَرَادِفِينَ فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute