التَّرْكِيبَ مِنْهُمَا بَلْ الْمَجْمُوعُ حَرْفٌ وَاحِدٌ، كَمَا أَنَّ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ مِنْ لَفْظِ إنْسَانٍ عَلَى صُورَةِ حَرْفِ الشَّرْطِ وَلَيْسَ مَرْكَبًا مِنْهُ. الثَّانِيَةُ: لِلْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ الرَّازِيَّ أَنَّ " إنَّ " لِلْإِثْبَاتِ وَ " مَا " لِلنَّفْيِ فَإِذَا جُمِعَا فَقِيلَ: إنَّمَا زَيْدٌ قَائِمٌ، فَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَعْنَاهُ بَعْدَ التَّرْكِيبِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ مُتَوَجِّهَيْنِ إلَى الْمَذْكُورِ، وَلَا إلَى غَيْرِ الْمَذْكُورِ لِلتَّنَاقُضِ، بَلْ أَحَدُهُمَا لِلْمَذْكُورِ وَالْآخَرُ لِغَيْرِ الْمَذْكُورِ، وَلَيْسَ " إنَّ " لِإِثْبَاتِ مَا عَدَا الْمَذْكُورَ وَ " مَا " لِنَفْيِ الْمَذْكُورِ وِفَاقًا، فَتَعَيَّنَ عَكْسُهُ، وَهُوَ مَعْنَى الْقَصْرِ. وَرُدَّ بِأَنَّ حُكْمَ الْإِفْرَادِ غَيْرُ حُكْمِ التَّرْكِيبِ، وَلَا نُسَلِّمُ كَوْنَهُمَا كَلِمَتَيْنِ بَلْ كَلِمَةً وَاحِدَة وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّرْكِيبِ وَالنَّقْلِ، وَأَيْضًا حُكْمُ غَيْرِهِ لَمْ يُذْكَرْ فَكَيْفَ يُنْفَى حُكْمُهُ؟ هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ الْمُقَدَّمَتَيْنِ، وَهُمَا أَنْ " إنَّ " لِلْإِثْبَاتِ وَ " مَا " لِلنَّفْيِ، لَكِنَّهُمَا مَمْنُوعَتَانِ بِاتِّفَاقِ النُّحَاةِ أَمَّا " إنَّ " فَلَيْسَتْ لِلْإِثْبَاتِ، وَلَا مَا لِلنَّفْيِ بِدَلِيلِ اسْتِعْمَالِهَا مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا. تَقُولُ: إنَّ زَيْدًا قَائِمٌ، وَإِنَّ زَيْدًا لَا يَقُومُ، فَلَوْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ تُسْتَعْمَلْ مَعَهُمَا، وَأَمَّا " مَا " فَلَيْسَتْ لِلنَّفْيِ وَإِنَّمَا هِيَ كَافَّةٌ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْكُفْرَ حُكْمٌ لَفْظِيٌّ لَا يُنَافِي أَنْ يُقَارِنَهُ حُكْمٌ مَعْنَوِيٌّ، وَاسْتَدَلَّ السَّكَّاكِيُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَافِيَةٍ بِأَنَّ النَّافِيَةَ لَهَا صَدْرُ الْكَلَامِ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ حَرْفَيْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بِلَا فَاصِلٍ، وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ النَّافِيَةَ لَجَازَ نَصْبُ قَائِمٍ فِي: إنَّمَا زَيْدٌ قَائِمٌ؛ لِأَنَّ الْحَرْفَ وَإِنْ زِيدَ يَعْمَلُ، وَلَكَانَ مَعْنَى إنَّمَا زَيْدٌ قَائِمٌ تَحَقُّقَ عَدَمِ قِيَامِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ مَا يَلِي النَّفْيَ مَنْفِيٌّ، وَالتَّوَالِي الْأَرْبَعَةُ بَاطِلَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute