يَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُمَا فِيمَا خُيِّرَ الْمُخَاطَبُ بِهِ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ صِيغَةَ " افْعَلْ " وَحْدَهَا لَمْ تَقْتَضِ التَّسْوِيَةَ لَكِنَّ الْمَجْمُوعَ الْمُرَكَّبَ مِنْ " افْعَلْ " أَوْ لَا " تَفْعَلْ "، فَعَلَى هَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ صِيغَةُ الْأَمْرِ مِنْ حَيْثُ هِيَ صِيغَةُ الْأَمْرِ، فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُمْ هَذَا الْمِثَالَ مِنْ صِيغَةِ " افْعَلْ " وَعُذْرُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِعْمَالُهَا حَيْثُ يُرَادُ التَّسْوِيَةُ بِالْكَلَامِ الَّذِي هِيَ فِيهِ.
الْخَامِسَ عَشَرَ: الِاحْتِيَاطُ، ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ النَّوْمِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا» بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» أَيْ: فَلَعَلَّ يَدَهُ لَاقَتْ نَجَاسَةً مِنْ بَدَنِهِ لَمْ يَعْلَمْهَا فَلْيَغْسِلْهَا قَبْلَ إدْخَالِهَا لِئَلَّا يُفْسِدَ الْمَاءَ. السَّادِسَ عَشَرَ: الدُّعَاءُ وَالْمَسْأَلَةُ، نَحْوَ {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا} [الأعراف: ٨٩] {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} [آل عمران: ١٤٧] وَقَدْ أَوْرَدَ عَلَى تَسْمِيَتِهِمْ ذَلِكَ فِي الْأُولَى سُؤَالًا قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} [محمد: ٣٦] وَأَجَابَ الْعَسْكَرِيُّ فِي الْفُرُوقِ " بِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْوَقْفِ فِي الْكَلَامِ وَاسْتِعْطَافِ السَّامِعِ بِهِ. وَمَثَّلَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ الْأَمْرَ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ كَقَوْلِك: كُنْ بِخَيْرٍ. السَّابِعَ عَشَرَ: الِالْتِمَاسُ، كَقَوْلِك لِنَظِيرِك: افْعَلْ. وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ إرَادَةِ الِامْتِثَالِ الْآتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute