للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَالصَّحِيحُ هَذَا الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ آخِرَ أَمْرِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَوَامِرِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَأَوَامِرِ رَسُولِهِ مِنْ كَوْنِ جَمِيعِهَا عَلَى الْوُجُوبِ. الثَّانِيَ عَشَرَ: وَحَكَاهُ ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ: أَنَّهُ لَيْسَتْ لَهُ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ، وَلَيْسَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَدُلُّ عِنْدَ قَوْلِ الْقَائِلِ: " افْعَلْ " عَلَى مَعْنًى أَوْ مُشْتَرَكٍ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عِنْدَ انْضِمَامِ الْقَرِينَةِ إلَيْهَا، وَنُزُولُ الصِّيغَةِ مِنْ الْقَرِينَةِ مَنْزِلَةَ الزَّايِ مِنْ زَيْدٍ لَا يَدُلُّ عَلَى تَرَكُّبٍ مِنْ الزَّايِ وَالْيَاءِ وَالدَّالِ حِينَئِذٍ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى، وَكَذَلِكَ قَوْلُك: " افْعَلْ " بِدُونِ الْقَرِينَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ فَإِذَا انْضَمَّتْ الْقَرِينَةُ إلَيْهِ حِينَئِذٍ دَلَّ عَلَى الْمَقْصُودِ. وَقَالَ الشَّيْحُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ: ذَهَبَ الْأَشْعَرِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ إلَى أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبٍ، وَلَا غَيْرِهِ، بِمُجَرَّدِهِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى شَيْءٍ إلَّا بِدَلِيلٍ. تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ: الْمَسْأَلَةُ ظَنِّيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ إلَى الْعَمَلِ فَتَنْتَهِضُ فِيهَا الْأَدِلَّةُ الظَّنِّيَّةُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: قَطْعِيَّةٌ؛ إذْ هِيَ مِنْ قَوَاعِدِ أُصُولِ الْفِقْهِ. وَبَنَى الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ عَلَى هَذَا، فَقَالَ: الْمَطْلُوبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنْ كَانَ هُوَ الْقَطْعَ فَالْحَقُّ فِيهَا هُوَ التَّوَقُّفُ، وَإِنْ كَانَ أَعَمَّ مِنْهُ، وَهُوَ الْحُكْمُ إمَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ أَوْ الظَّنِّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ، فَالْأَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْحَقَّ فِيمَا هُوَ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ حَقِيقَةً فِي شَيْءٍ مَجَازًا فِي غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ تُرَدَّ تِلْكَ الْأَنْوَاعُ إلَى الْعَلَاقَةِ. قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: يُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى مَجَازِ التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ يُوجَدُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>