للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ: وَأَوَامِرُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ تَحْتَمِلُ مَعَانِيَ مِنْهَا الْإِبَاحَةُ، كَالْأَوَامِرِ الْوَارِدَةِ بَعْدَ الْحَظْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا} [الجمعة: ١٠] قَالَ: فَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْوَارِدَ بَعْدَ الْحَظْرِ يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ دُونَ الْإِيجَابِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ". انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: لِلشَّافِعِيِّ كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَقَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ: نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْإِفَادَةِ ": إنَّهُ الَّذِي صَارَ إلَيْهِ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَطْلَقُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَّعِيَ مَعَهُ أَنَّهُ مَذْهَبُهُ خِلَافُهُ، لَكِنْ قَالَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيِّ: الشَّافِعِيُّ يَجْعَلُ تَقَدُّمَ الْحَظْرِ مِنْ مُوَلِّدَاتِ التَّأْوِيلِ، وَهَذَا مِنْهُ اعْتِرَافٌ بِأَنَّ تَقْدِيمَ الْحَظْرِ يُوهِنُ الظُّهُورَ، وَلَكِنْ لَا يُسْقِطُ أَصْلَ الظُّهُورِ كَانْطِبَاقِ الْعُمُومِ عَلَى سَبَبٍ. انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالْبَاجِيُّ وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ: إنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ، وَلِذَلِكَ احْتَجَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْكِتَابَةِ بِقَوْلِهِ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] فَقَالَ: هُوَ تَوْسِعَةٌ لِقَوْلِهِ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] . وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ الْحَظْرُ السَّابِقُ عَارِضًا لِعِلَّةٍ وَسَبَبٍ وَعُلِّقَتْ صِيغَةُ " افْعَلْ " بِزَوَالِهَا، كَقَوْلِهِ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] وَكَقَوْلِهِ: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَادَّخِرُوا» فَإِنَّ الْحَظْرَ السَّابِقَ إنَّمَا يَثْبُتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>