لِسَبَبٍ. فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ إذَا وَرَدَتْ صِيغَةُ " افْعَلْ " مُعَلَّقَةً بِرَفْعِهِ دَلَّ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى أَنَّهُ لِدَفْعِ الذَّمِّ فَقَطْ.
وَيَغْلِبُ عُرْفُ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى الْوَضْعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْحَظْرُ السَّابِقُ قَدْ عَرَضَ لَا لِعِلَّةٍ، وَلَا أَنَّ صِيغَةَ " افْعَلْ " عُلِّقَتْ بِزَوَالِ ذَلِكَ، كَالْجَلْدِ الْمَأْمُورِ بِهِ عَقِيبَ الزِّنَا بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ الْإِيلَامِ، فَتَبْقَى صِيغَةُ " افْعَلْ " عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ. فَمَنْ قَالَ: إنَّهَا لِلْوُجُوبِ قَبْلَ ذَلِكَ فَهِيَ لِلْوُجُوبِ بِحَالِهَا، وَمَنْ قَالَ: إنَّهَا مَوْقُوفَةٌ قَالَ: هِيَ أَيْضًا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، وَيُرِيدُ هُنَا أَيْضًا احْتِمَالَ الْإِبَاحَةِ، وَلَا تَنْقُصُ الْإِبَاحَةُ بِسَبَبِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ هُنَا دَعْوَى عُرْفٍ أَوْ اسْتِعْمَالٍ حَتَّى يُقَالَ بِأَنَّهُ يَغْلِبُ الْعُرْفُ الْوَضْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى بَلْ يَبْقَى التَّرَدُّدُ لَا غَيْرُ، وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَإِلْكِيَا الْهِرَّاسِيّ وَقَالَ: أَمَّا إذَا أُطْلِقَ غَيْرَ مُعَلَّلٍ بِعَارِضٍ ثُمَّ تَعَقَّبَهُ لَفْظُ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ فَهُوَ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَظْرِ بِالْكَلَامِ، فَإِنْ انْتَفَى التَّعَلُّقُ لَمْ يُؤَثِّرْ قَطْعًا وَيُحْتَمَلُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَرِدْ صِيغَةُ " افْعَلْ " كَقَوْلِك: قَالَ: " إذَا حَلَلْتُمْ فَأَنْتُمْ مَأْمُورُونَ بِالِاصْطِيَادِ " فَهَذَا يَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ وَالْإِبَاحَةَ.
وَالرَّابِعُ: الْوَقْفُ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالْوُجُوبِ وَحَكَاهُ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ عَنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مَعَ كَوْنِهِ أَبْطَلَ الْوَقْفَ فِي لَفْظِهِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ حَظْرٍ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ ": إنَّهُ الْمُخْتَارُ، وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute