ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: إنَّهُ الرَّأْيُ الْحَقُّ. وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ لِلِاسْتِحْبَابِ، وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ مِنْ تَعْلِيقِهِ ". وَالسَّادِسُ: أَنَّهَا تَرْفَعُ الْحَظْرَ السَّابِقَ وَتُعِيدُ حَالَ الْفِعْلِ إلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْحَظْرِ، فَإِنْ كَانَ مُبَاحًا كَانَتْ لِلْإِبَاحَةِ، كَقَوْلِهِ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] أَوْ وَاجِبًا فَوَاجِبٌ، كَقَوْلِهِ: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢] إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْوَطْءِ، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ وَنَسَبَهُ لِلْمُزَنِيِّ. قَالَ: وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] فَإِنَّ الصِّيغَةَ رَفَعَتْ الْحَظْرَ وَأَعَادَتْهُ إلَى مَا كَانَ أَوَّلًا، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدِي. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ اخْتِيَارِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: كُلُّ مَا حُرِّمَ لِحُدُوثِ مَعْنًى فِيهِ، وَكَانَ قُبَيْلَ حَظْرِهِ غَيْرَ وَاجِبٍ فِعْلُهُ فَإِذَا وَقَعَ الْأَمْرُ بِهِ بَعْدَ الْحَظْرِ فَالظَّاهِرُ مِنْهُ الْإِبَاحَةُ، وَرَدُّ الشَّيْءِ إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى. أَلَا تَرَى أَنَّ وَطْءَ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا عَلَيْهِ ثُمَّ حَرُمَ بِحُدُوثِ الْحَيْضِ؟ فَلَمَّا قِيلَ: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢] لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إيجَابًا بَلْ إبَاحَةً كَأَنَّهُ قَالَ: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَهِيَ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى، وَكَذَا قَوْلُهُ: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا» أَيْ: فَقَدْ أَبَحْت لَكُمْ الْآنَ مَا حَظَرْته عَلَيْكُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute