للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ إطْلَاقَ ذَلِكَ اقْتَضَى مَرَّةً وَاحِدَةً: قَالَ: وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْأَشْبَهُ بِمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ. قُلْت: بَلْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ " صَرِيحًا فِي بَابِ الْفَرَائِضِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهَا. قَالَ: فَكَانَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْغَسْلِ مَرَّةً، وَاحْتَمَلَ أَكْثَرَ، وَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوُضُوءَ مَرَّةً فَوَافَقَ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ، وَلَوْ لَمْ يَرِدْ الْحَدِيثُ بِهِ لَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ. انْتَهَى. وَمِمَّنْ اخْتَارَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ "، وَنَقَلَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ وَابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ " عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرِ " الْفُقَهَاءِ، وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ اخْتِيَارِ شَيْخِهِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ " عَنْ شُيُوخِ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ، وَقَالَ: ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ. قِيلَ: وَأَكْثَرُ النَّقَلَةِ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ هَذَا وَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ غَرَضُهُمْ إلَّا نَفْيَ التَّكْرَارِ، وَالْخُرُوجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالْمَرَّةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَحْكِ أَحَدٌ الْمَذْهَبَ الْمُخْتَارَ مَعَ حِكَايَةِ هَذَا، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ فِي الْعِبَارَةِ. قُلْت: بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى الْمَرَّةِ هَلْ هِيَ بِطَرِيقِ الْمُطَابَقَةِ وَالِالْتِزَامِ؟ وَإِنْ عَدِمَ دَلَالَتَهُ عَلَى التَّكْرَارِ هَلْ هِيَ لِعَدَمِ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ أَصْلًا أَوْ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ تَوَقَّفَ فِيهِ؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>