أَوْ مُؤَخَّرٍ، وَهَذَا يَدْفَعُ مِنْ قِيَاسِ مَذْهَبِهِ مَعَ اسْتِمْسَاكِهِ بِالْوَقْفِ وَتَجْهِيلِهِ مَنْ لَا يَرَاهُ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ، كَذَا أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ وَابْنُ بَرْهَانٍ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَحَكَوْهُ عَمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ ": إنَّهُ الْوَجْهُ عِنْدَهُ، وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِنَا: إنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى التَّعْجِيلِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ أَوَّلِ أَوْقَاتِ الْفِعْلِ.
قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ إنَّ قَوْلَهُ: " افْعَلْ " لَيْسَ فِيهِ عِنْدَنَا دَلِيلٌ إلَّا عَلَى طَلَبِ الْفِعْلِ فَحَسْبُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْوَقْتِ. انْتَهَى. وَعَلَى هَذَا فَهُوَ الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ. وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ الَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي مِنْ مَذْهَبِ عُلَمَائِنَا: أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَى الْفَوْرِ بِمُطْلَقِ الْأَمْرِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ "، فَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ أَيَّ شَهْرٍ شَاءَ، وَكَانَ الْكَرْخِيُّ يَقُولُ: إنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَكَذَا حَكَاهُ صَاحِبُ اللُّبَابِ " عَنْ الْبَزْدَوِيِّ، فَقَالَ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْيُسْرِ الْبَزْدَوِيِّ: لَا خِلَافَ عِنْدَنَا أَنَّ الْوُجُوبَ مُطْلَقٌ عَلَى حَسَبِ إطْلَاقِ الْأَمْرِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَفُوتَ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْمَوْتِ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَا بَلْ مُطْلَقُ الْأَمْرِ عَنْ الْوَقْتِ الْمُبَادَرَةُ، وَإِنَّمَا يُبَيَّنُ هَذَا فِي بَابِ الزَّكَاةِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ هَلْ يَصِيرُ مُكَلَّفًا بِالْأَدَاءِ لِلْحَالِ؟ فَعِنْدَنَا لَا يَصِيرُ مُكَلَّفًا بَلْ الْأَدَاءُ مُوَسَّعٌ لَهُ فِي عُمُرِهِ، وَعِنْدَهُمْ يَتَحَتَّمُ الْأَدَاءُ فِي الْحَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute