قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي الْمُعْتَمَدِ ": وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا: إنَّهُ غَيْرُ مُجْزِئٍ، وَلَا يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُمْتَثَلْ، وَلَا أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِيهِ، وَلَا يَكُونُ وَقَعَ مَوْقِعَ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا يَقْتَضِي، هَذَا تَحْرِيرُ مَذْهَبِ عَبْدِ الْجَبَّارِ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَمِمَّنْ اعْتَنَى بِهِ أَيْضًا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْعُنْوَانِ "، فَقَالَ: وَتَحْرِيرُ الْخِلَافِ فِيهِ أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ هَلْ هُوَ مِنْ مَدْلُولِ الْأَمْرِ وَمُقْتَضَاهُ أَوْ هُوَ مِنْ مَجْمُوعِ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الْغَيْرِ؟ وَأَمَّا كَوْنُهُ إذَا فَعَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ يَبْقَى مَطْلُوبًا فَمَا زَادَ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ عَمَّا عَدَا الْمَأْمُورَ بِهِ فَلَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ مِنْ جِهَةِ الْأَمْرِ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ مُنْقَطِعًا فِي تَعَلُّقِهِ، وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، وَهُوَ مُحَالٌ. انْتَهَى. وَقَدْ وَقَعَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: إطْلَاقُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَفَخْرِ الدِّينِ وَأَتْبَاعِهِ الْخِلَافَ فِي أَنَّ الِامْتِثَالَ هَلْ يُوجِبُ الْإِجْزَاءَ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ لَمْ يُخَالِفْ فِي الْإِجْزَاءِ، بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ فِيهِ بِالثَّانِي، وَالْخِلَافُ فِي الْأَوَّلِ بَعِيدٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ. قَالَ الْهِنْدِيُّ: وَعَلَى هَذَا تَرْجَمَةُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا ذَكَرُوهُ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ سُقُوطِ الْقَضَاءِ بِالْفِعْلِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْفِعْلِ سُقُوطُ الْقَضَاءِ، بَلْ يَنْبَغِي تَرْجَمَتُهَا عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْإِجْزَاءِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ: لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute