أَبِي حَنِيفَةَ، وَاخْتَارَ الثَّانِيَ أَيْضًا الْقَرَافِيُّ وَالْأَصْفَهَانِيُّ شَارِحَا الْمَحْصُولِ " وَالصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ هِيَ، وَلَا لَازِمَةً لَهَا فَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا لَا مُطَابَقَةً وَلَا الْتِزَامًا، فَعَلَى هَذَا، الْأَمْرُ بِالْجِنْسِ لَا يَكُونُ أَمْرًا بِشَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِهِ أَلْبَتَّةَ، وَذَلِكَ كَالْمَأْمُورِ بِالْبَيْعِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَحَيْثُ حُمِلَ عَلَى مُعَيَّنٍ كَالْأَمْرِ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّيْءِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، فَإِنَّمَا هُوَ لِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، وَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ مُنْفَصِلٌ يُخَيَّرُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَاهِيَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا فِي ضِمْنِ جُزْئِيٍّ.
وَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ فَيَتَعَيَّنُ التَّخْيِيرُ. وَتَوَسَّطَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ فَقَالَ: الْمَطْلُوبُ الْمَاهِيَّةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ، لَا بِقَيْدِ الْجُزْئِيَّةِ وَلَا بِقَيْدِ الْكُلِّيَّةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ أَحَدِهَا اعْتِبَارُ الْآخَرِ، وَأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ، بَلْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي ضِمْنِ الْجُزْئِيَّاتِ. قَالَ: وَيُوَضِّحُ هَذَا كَلَامُهُمْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَاهِيَّةِ بِشَرْطِ شَيْءٍ وَبِشَرْطِ لَا شَيْءٍ وَلَا بِشَرْطٍ. وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَسْتَدْعِي تَجْدِيدَ الْعَهْدِ بِمَسْأَلَةٍ مَنْطِقِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ الْكُلِّيَّ إمَّا مَنْطِقِيٌّ أَوْ طَبِيعِيٌّ أَوْ عَقْلِيٌّ، لِأَنَّا إذَا قُلْنَا: الْبَيْعُ كُلِّيٌّ، فَهُنَاكَ أُمُورٌ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ: مَاهِيَّةُ الْبَيْعِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ، وَهُوَ الطَّبِيعِيُّ الثَّانِي: قَيَّدَ كَوْنَهُ كُلِّيًّا أَيْ: يَشْتَرِكُ فِي مَفْهُومِهِ كَثِيرُونَ، وَهِيَ الْمَنْطِقِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute