قِيلَ: نَهْيٌ عَنْ جَمِيعِ أَضْدَادِهِ، وَقِيلَ: عَنْ وَاحِدٍ مِنْهَا لَا بِعَيْنِهِ. حَكَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي شَرْحِ الْبَزْدَوِيِّ ". وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَقَعُ فِي مَقَامَيْنِ: أَحَدُهُمَا: النَّفْسَانِيُّ، وَاخْتَلَفَ الْمُثْبِتُونَ لَهُ فِي أَنَّ الْأَمْرَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ هَلْ هُوَ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ الْوُجُودِيِّ عَلَى مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَيْسَ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ لَا لَفْظًا وَلَا يَقْتَضِيهِ عَقْلًا، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَإِلْكِيَا الطَّبَرِيِّ وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسُلَيْمٌ وَابْنُ بَرْهَانٍ وَصَاحِبُ الْوَاضِحِ " وَالْمُعْتَمَدِ " وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ " عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِي اعْتِبَارِ إرَادَةِ النَّاهِي، وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ. لَكِنْ نَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ " عَنْهُمْ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى اللِّسَانِ كَمَا سَيَأْتِي فَتَفَطَّنْ لَهُ.
وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَإِلْكِيَا فِي تَعْلِيقِهِ ": إنَّ هَذَا الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَقُولُ: إنَّهُ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ نَفْسُ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَا صِيغَةَ لَهُ، وَاتِّصَافُهُ بِكَوْنِهِ أَمْرًا وَنَهْيًا بِمَثَابَةِ اتِّصَافِ الْكَوْنِ الْوَاحِدِ بِكَوْنِهِ قَرِيبًا مِنْ شَيْءٍ، بَعِيدًا مِنْ شَيْءٍ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ، وَالْقَاضِي، وَأَطْنَبَ فِي نُصْرَتِهِ فِي التَّقْرِيبِ " وَنَقَلَهُ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْحَقِّ النَّافِينَ لِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَنْخُولِ " عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْكَعْبِيِّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute