الْأَوْسَطِ " عَنْ الْعُلَمَاءِ قَاطِبَةً، وَقَالَ صَاحِبُ اللُّبَابِ ": هُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْجَصَّاصِ وَهُوَ أَشْبَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ ": هُوَ قَوْلُ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْهُمْ الْأَشْعَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى، لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا صِيَغَهُ لَهُ.
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهَذَا الْمَذْهَبُ لَا يَتَأَتَّى مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْرَ هُوَ الْقَوْلُ؛ لِأَنَّ إحْدَى الصِّيغَتَيْنِ لَا تَكُونُ عَيْنَ الْأُخْرَى قَطْعًا فَلْيُؤَوَّلْ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُهُ. انْتَهَى. وَهُوَ عَجَبٌ؛ لِأَنَّ الْأَشْعَرِيَّ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَا صِيَغَهُ لَهُ كَمَا سَبَقَ نَقْلُهُ عَنْ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ: بَنَى الْأَشْعَرِيُّ هَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ الْأَمْرَ لَا صِيَغَهُ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالنَّفْسِ، وَكَذَلِكَ لِلنَّهْيِ، فَالْأَمْرُ عِنْدَهُمْ هُوَ نَفْسُ النَّهْيِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَقَالَ الْهِنْدِيُّ: لَمْ يُرِدْ الْقَائِلُ أَنَّ صِيغَةَ " تَحَرَّكْ " مَثَلًا غَيْرُ صِيغَةِ " لَا تَسْكُنْ " فَإِنَّ ذَلِكَ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ بَلْ يَعْنِي أَنَّ الْمَعْنَى الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِ تَحَرَّكْ عَيْنُ الْمَعْنَى الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِ لَا تَسْكُنْ، وَقَالُوا: إنَّ كَوْنَهُ أَمْرًا وَنَهْيًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفِعْلِ وَضِدِّهِ الْوُجُودِيِّ لِكَوْنِ الْحَرَكَةِ قُرْبًا وَبُعْدًا بِالنِّسْبَةِ إلَى جِهَتَيْنِ، وَقَدْ وَجَّهَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الْأَمْرَ لَهُ مُتَعَلِّقَانِ مُتَلَازِمَانِ اقْتِضَاءُ الْفِعْلِ وَالْإِيقَاعِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْفِعْلِ وَالِاجْتِنَابُ، وَتَرْكُ الْفِعْلِ فِعْلٌ آخَرُ، وَهُوَ ضِدُّ الْمَتْرُوكِ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ وَلَكِنْ يَتَضَمَّنُهُ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى، وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي التَّبْصِرَةِ " وَابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ " وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ وَسُلَيْمٌ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ كَافَّةً وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute