قِيلَ: وَلِهَذَا إنَّمَا يُفِيدُ الْعُقُودَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ إذَا وَقَعَتْ عَلَى وَفْقِ الشَّرْعِ أَيْ: إذَا اسْتَجْمَعَتْ الشُّرُوطَ الشَّرْعِيَّةَ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ فِي التَّقْوِيمِ ": إنَّهُ قَوْلُ عُلَمَائِهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَبِيحَ لِعَيْنِهِ لَا يُشْرَعُ لِعَيْنِهِ، وَقَالَ: سَوَاءٌ قَبُحَ لِعَيْنِهِ وَضْعًا أَوْ شَرْعًا كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَالصَّلَاةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ، فَالْبَيْعُ فِي نَفْسِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَصَالِحُ، وَلَكِنَّ الشَّرْعَ لَمَّا قَصَرَ مَحَلَّهُ عَلَى مَالٍ مُتَقَوِّمٍ حَالَ الْعَقْدِ، وَالْمَاءُ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ مِنْهُ الْحَيَوَانُ لَيْسَ بِمَالٍ صَارَ بَيْعُهُ عَبَثًا بِحُلُولِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. وَالثَّانِي: لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَصْلًا، وَيَحْتَاجُ الْفَسَادُ إلَى دَلِيلٍ غَيْرِ النَّهْيِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ وَالْقَاضِيَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعَبْدِ الْجَبَّارِ، وَحَكَاهُ فِي الْمُعْتَمَدِ " عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ وَعَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: وَذَكَرَ أَنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ شُيُوخِنَا الْمُتَكَلِّمِينَ. انْتَهَى.
زَادَ ابْنُ بَرْهَانٍ أَبَا عَلِيٍّ وَأَبَا هَاشِمٍ الْجُبَّائِيَّيْنِ، وَاخْتَارَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ السَّمْنَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَإِلْكِيَا الطَّبَرِيِّ عَنْ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ، وَصَاحِبُ الْمَحْصُولِ " عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْآمِدِيَّ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلِلشَّافِعِيِّ كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ يَحْكُونَ عَنْهُ الْقَوْلَيْنِ. وَنَصَّ الْغَزَالِيُّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى فَسَادِهِ إنَّمَا هُوَ اعْتِمَادُ الشَّرْعِ عَلَى فَوَاتِ شَرْطٍ، وَيُعْرَفُ الشَّرْطُ بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَعَلَى ارْتِبَاطِ الصِّحَّةِ بِهِ. وَقَدْ أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ آخِرُهُمْ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ هَذَا الْمَذْهَبَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute