مَالٍ بِمَالٍ، وَالْمَاءُ فِي الصُّلْبِ وَالرَّحِمِ لَا مَالِيَّةَ فِيهِ. هَذَا مَعْنَى كَوْنِ الشَّيْءِ مَنْهِيًّا عَنْهُ لِعَيْنِهِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِقَيْدٍ، نَحْوُ " لَا تَصُمْ " وَ " لَا تَبِعْ " كَمَا فَهِمَ الْقُطْبُ الشِّيرَازِيُّ، وَفِيهِ مَذَاهِبُ: أَحَدُهَا: أَنْ يَدُلَّ عَلَى الْفَسَادِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْهِيُّ عِبَادَةً أَوْ مُعَامَلَةً، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الصِّحَّةِ مَعَ التَّحْرِيمِ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَهُوَ رَأْيُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَطَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ، كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي فِي مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ " وَابْنُ فُورَكٍ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ: مَذْهَبُنَا الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَكَّدَ الْقَوْلَ فِيهِ فِي بَابِ " الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ " أَنَّ النَّهْيَ إذَا وَرَدَ مُتَجَرِّدًا اقْتَضَى فَسَادَ الْفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُد وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَكَافَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى. وَكَلَامُهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الرِّسَالَةِ " يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ اسْتِدْلَالَهُ بِالْآيَاتِ وَالْحَدِيثِ عَلِمَ ذَلِكَ، كَاحْتِجَاجِهِ فِي النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ، وَقَالَ فِي مَوْضُوعٍ مِنْهَا: وَكُلُّ نِكَاحٍ خَلَا عَنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَالرِّضَى مِنْ الْمَنْكُوحَةِ الثَّيِّبِ كَانَ فَاسِدًا، وَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: إنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَنَّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ. وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: إنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute